حسن أبو العيله
كثيراً ما نسمع مقولة أن الوحدة قانون الانتصار ، وكثيراً ما نسمع من الأصدقاء الدوليين محبي الخير لفلسطين وشعبها ذلك ، وكثيراً من السياسيين والمؤطرين حزبياً من يقول ذلك بنوايا صادقة أو استخدام تسويقي لتجميل نفسه أو ما يتحدث به.
إن إجابة سؤال ماذا تحقق الوحدة تضعنا على سكة التحرير والتقييم الصادق وخصوصاً أن الشعب الفلسطيني الموحد غير قادر على تحقيق النصر المؤزر في ظل فوارق الامكانات المادية فكيف الحال وهو منقسم ومنخرط بصراعات ثانوية ، إن وحدته وصموده وثباته على ارضه امام المشروع الصهيوني الغربي تحقق كثيراً من المكتسبات لعل ابرزها :-
أولاً – الوضع العربي والاسلامي إذا ما نظرنا وقيمنا الحالة العربية والاسلامية شعوباً وانظمة بعد العدوان نجدها جميعاً انقسمت إلىى طرف مع ما سمي مقاومة وطرف آخر ضدها وفي كلا الطرفين أيضاً عدة انقسامات ، أي أن حالة انقسامنا ادت إلى انقسام في اطراف من المفترض أن تقف خلفنا موحدة لو كنا موحدين ، وهذا ينعكس علينا سلباً بين مؤيد ومعارض ولكل اسبابه ومبرراته ، ويستر عورات انظمة أمام وهي أصلاً ذات دور وظيفي.
اما فعل الشعوب العربية والاسلامية خلال العدوان نجد أن هذه الشعوب المضطهدة أصلاً من انظمة دكتاتورية فاسدة ، غير مقتنعة بوجود هذا الجسم الغريب في منطقتنا وتطلع ليوم الخلاص منه بدليل فعلها في ميادين تلك الدول إلا أن حالة انقسامنا تعطي فرصة للانظمة الفاسدة ذات الدور الوظيفي لمزيد من اضطهاد الشعوب واللعب على حالة الانقسام مما يسهم بمزيدٍ من تيئيسها وبالنتيجة اطالة عمر الإحتلال .
ثانياً الدول الصديقة والتي هي ذات مشارب فكرية ومذهبية مختلفة ولكنها تقف إلى جانب فلسطين وشعبها لاسباب قيمية وانسانية واخلاقية ، وتدرك خطورة المشروع الصهيوني الغربي الاستعماري فإن حالة انقسامنا ستشكل حالة من التراجع لديها في دعم قضيتنا العادلة لاسباب مرتبطة بمنهج تفكير تلك الدول والشعوب ، أي أننا سنخسر داعمين حقيقيين وبدون اثمان سياسية بسبب استمرار هذا الانقسام اللعين.
ثالثاً الدول المعادية لنا ولمشروعنا الوطني ، سنقدم لها في حالة استمرار هذا الانقسام هدايا مجانية من حيث وسمنا احياناً بحالة من عدم النضوج وتارة الارهاب وتارة أخرى بالفساد ، وفي كل ذلك توفير مظلة لاستدامة الإحتلال والتنكيل بارضنا وشعبنا. أمام كل ذلك لا خيار لنا إلا قبول بعضنا في جبهة عريضة موحدة وفاعلة قادرة على لملمة شتاتنا والوحدة على قاعدة تغليب التناقض الرئيسي على الثانوي ، وعدم السماح للعابثين بالعب على اوتار الخلاف سواء محليين أو دول ، فإن حجم تضحيات شعبنا من العار والمعيب على السياسيين والفاعلين أن تذهب بلا فائدة وبدون انتهاء هذا الإحتلال الموغل في دمائنا ولحمنا ، أو تهزم ثورتنا وتنتهي كما انتهت كل ثورات شعبنا السابقة على مدار عمر هذا الصراع دون تحقيق النتائج التي انطلقت لأجلها.
الوحدة تمكن الآخرين من الوقف خلفنا موحدين وهو ما تحتاجه قضيتنا وتقطع الطريق على المرتزقة والعابثين وتعري الأنظمة الفاسدة المأجورة أمام شعوبها .
اما نحن في فتح وامام هذا السجل البطولي والتاريخ الطويل من النضال المشرف والبطولات الفردية والجماعية التي سجلها مقاتلوا وقادة هذه الحركة ، والحفاظ على الهوية الوطنية ، وقيادة مشروع وطني لشعب أُوريد لمصيره أن يكون كالهنود الحمر فإن من مسؤوليتنا الوطنية والاخلاقية أن ننفض ما علق بنا من عوالق شوهتنا والحقت بنا من ضرر يكاد يطفئ بريق الصورة الذهنية للبطولة لكل مقاتل وتاريخ مجيد من التضحيات من أجل فلسطين محررة ، و علينا خلق القواسم المشتركة مع الكل الفلسطيني تحت شعار أن هذه الحركة حركة الشعب ولونها من لونه ، ونلفظ من بين ظهرانينا كل من اساءوا لهذه الحركة العظيمة ، ولنتذكر دائماً أن الكل يطالب فتح بتحقيق الوحدة حتى خصومها وهذا ليس من باب الانتقاص منها وإنما لحجم مكانتها بين الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي.