من هو جيمس فانس الذي اختاره ترمب نائباً له؟

أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، المرشح الجمهوري رسمياً لخوض السباق الرئاسي الأميركي لعام 2024، أنه اختار السيناتور الأميركي عن ولاية أوهايو، جيمس ديفيد فانس، ليخوض معه معركة الانتخابات الرئاسية في منصب نائب الرئيس.

وأعلن ترمب هذا الاختيار عبر موقع «تروث سوشيال»، ظهر يوم الاثنين، مما جذب أنظار الجمهوريين المجتمعين في مدينة ميلووكي بولاية ويسكنسن لحضور المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، وأشاد الجمهوريون بالاختيار على اعتبار أن فانس من المحافظين الجمهوريين، إضافة إلى صغر سنه، حيث يبلغ 39 عاماً، مما عدّه خطوة لتجديد شباب الحزب الجمهوري.

إلا أن الإعجاب الجمهوري قابله استياء ديمقراطي، حيث عبّر الديمقراطيون عن مخاوفهم من فانس باعتباره من أعضاء مجلس الشيوخ شديدي الميل نحو اليمين والمواقف الأكثر تطرفاً. وبدأت حملة الرئيس بايدن في التخطيط لتصوير فانس على أنه «متطرف» وامتداد لمواقف وسجل المرشح الجمهوري دونالد ترمب.

خلال الأسابيع الماضية اشتعلت بورصة التكهنات والترشيحات عمن سيختاره ترمب في منصب نائب الرئيس، لأن الاختيار كان يعني الفرص الكبيرة لمن يتولى هذا المنصب للترشح للانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2028، وهو ما جعل الصراع على جذب اهتمام ترمب على أشده، وكان لدى ترمب قائمة طويلة من المرشحين لهذا المنصب، وكان يفكر في ترشيح السيناتور تيم سكوت، الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا، وحاكم داكوتا الشمالية دوغ بورغوم، والسيناتور ماركو روبيو، الجمهوري عن ولاية فلوريدا.

وصرح ترمب لصحيفة «نيويورك تايمز»، في وقت سابق، بأنه يريد نائباً للرئيس يتمتع بالخبرة والسلوك المدروس. وقال ترمب أيضاً لشبكة «فوكس نيوز»، الأسبوع الماضي، إن معسكره ينتظر ليرى كيف سيؤثر رد الفعل العنيف المحيط بأداء بايدن في المناظرة على السباق قبل الإعلان عن نائبه.

إعلان الاختيار
وقبل إعلان اختيار ترمب لفانس سرت التسريبات والإشاعات حول اختياره، خصوصاً بعد أن تم إبلاغ السيناتور ماركو رومبيو بأنه ليس الشخص المختار، وأيضاً حينما تحركت سيارات الخدمة السرية والحرس لتأمين منزل فانس في ولاية أوهايو، وتأمين طريقه إلى المطار للسفر إلى مدينة ميلووكي لحضور المؤتمر الوطني للحزب، وكل ذلك أشعل التكهنات بأنه النائب المختار. وغرد ترمب عبر موقع «تروث سوشيال» قائلاً إن فانس دافع عن الرجال والنساء في بلدنا، وناضل من أجلهم ببراعة.

من هو فانس
يعد جيمس ديفيد فانس من قدامى المحاربين الذين شاركوا في حرب العراق، وهو يبلغ حالياً 39 عاماً، درس القانون في جامعة ييل، ومارس لفترة مهنة المحاماة وترشح لعضوية مجلس الشيوخ في عام 2022 بعد أن أيده ترمب في ذلك الوقت، مما ساعده على التغلب على المنافس الأساسي للحزب الجمهوري جوش ماندل، والمرشح الديمقراطي تيم رايان.

وخلال فترة ترشحه على قائمة الحزب الجمهوري في أوهايو لمقعد مجلس الشيوخ، حصد فانس التأييد من كبار المانحين، من أبرزهم المؤسس لشركة «باي بال» (Pay Pal) بيتر ثيل الذي تبرع بحوالي 15 مليون دولار، وهو أكبر مبلغ على الإطلاق لدعم مرشح فردي في مجلس الشيوخ، وفقاً لـ«بوليتيكو» لدعم فانس.

وقبل أن يترشح لعضوية مجلس الشيوخ، برز اسم فانس عام 2016 حينما أصدر كتاباً يؤرخ فيه للآثار الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لتراجع التصنيع في مدينة أوهايو، التي نشأ فيها، بعنوان «Hillbilly Elegy». وفي هذا الكاتب حدد فانس الأولويات الضرورية للنهوض بالصناعة في مدينة أوهايو مثل الحد من الإنفاق غير الضروري والتضخم، وتعزيز إنتاج النفط والغاز المحلي، ومكافحة وباء المخدرات والمواد الأفيونية، وإنهاء الإجهاض، وحماية الحدود الجنوبية، وتغيير سياسة الهجرة.

وتم تحويل هذا الكتاب إلى فيلم بواشنطن، عبر شركة «نتفلكس» عام 2020، واكتسب الفيلم الذي حمل عنوان الكتاب مكانة بارزة، بسبب عرضه العميق لثقافة الطبقة العاملة ذات الدخل المنخفض من الأميركيين البيض. واستعرض الكتاب ذكريات فانس وتجربته الخاصة ونشأته في أسرة فقيرة، إضافة إلى ذكرياته من خلال مراقبة الآخرين من حوله وهم يتنقلون في نظام الرعاية الاجتماعية.

وفي هذا الكتاب قال فانس إنه يمثل «ملايين الأميركيين البيض من الطبقة العاملة من أصل أسكوتلندي آيرلندي الذين ليست لديهم شهادة جامعية»، والذين يعدُّ الفقر «تقليداً عائلياً». ويحتوي الكتاب أيضاً على عدد من تفاصيل السيرة الذاتية حول الوقت الذي قضاه فانس وعائلته في مدينة أبالاتشي، بما في ذلك أن والدته وجده كانا يعانيان من إدمان المخدرات والكحول، وأن جدته أشعلت النار في جده ذات مرة لأنه كان يشرب الخمر ، رغم أنه نجا وبقي الزوجان معاً.

وفي حديثه إلى الراديو الوطني عام 2016، قال فانس إن الكتاب يدور حول «حياة أناس حقيقيين عندما يتجه الاقتصاد الصناعي نحو الجنوب».

شخصية مثيرة للشغب
يعرف فانس داخل الحزب الجمهوري بأنه شخصية مثيرة للشغب، وتجتذب خطاباته الكثير من الجدل في بعض الأحيان، فبعد إطلاق النار على ترمب، يوم السبت، أشار فانس في تغريدة على «تويتر» إلى أن استراتيجية حملة الرئيس جو بايدن «أدت مباشرة إلى محاولة اغتيال الرئيس ترمب»، وأشار إلى تصريحات الرئيس بايدن المرشح الديمقراطي التي وصف فيها الرئيس ترمب بأنه «فاشي استبدادي ويجب إيقافه عن الوصول إلى البيت الابيض بأي ثمن».

طوال السنوات السابقة لم يكن فانس من الداعمين البارزين لترمب، إلا أنه تطور ليصبح مدافعاً عن الرئيس السابق وأفكاره، بما في ذلك وجهات نظره بشأن السياسة التجارية والحد من المساعدات الخارجية، كما طوّر علاقة وثيقة مع دونالد ترمب الابن.

وقال فانس إنه لم يصوت للرئيس السابق في انتخابات عام 2016، وقال زميله السابق في الغرفة إن فانس أرسل له رسالة نصية تقول إن ترمب «ساخر»، ويمكن أن يكون «هتلر أميركا»، حسبما ذكرت وكالة «أسوشيتد برس».

في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، غرّد فانس بأن اختيار ترمب لخوض سباق الرئاسة هو «أمر مستهجن»، قائلاً إن المرشح الرئاسي آنذاك «يجعل الأشخاص الذين أهتم بهم خائفين»، وانتقده بسبب سياساته وخطاباته المناهضة للمهاجرين والمسلمين. لكن فانس جاء في عام 2021، وقال إنه يأسف لتعليقاته السابقة بشأن ترمب، وقال إن فترة ولاية ترمب في البيت الأبيض أثبتت خطأ معارضته وهو ما ضمن له تأييد الرئيس السابق. وحظي فانس بتأييد ودعم ترمب في سباق الترشح لمقعد في مجلس الشيوخ في عام 2022، وفي ذلك الوقت اعترف ترمب بانتقادات فانس، وقال: «مثل البعض الآخر، ربما قال جي دي فانس بعض الأشياء غير الرائعة عني في الماضي، لكنه يفهمها الآن».

وقد غيّر فانس مواقفه المعارضة لترمب 180 درجة ليصبح من أقوى المؤيدين له، حيث أيد ادعاءات ترمب بتزوير الانتخابات في عام 2020 على خلاف نائب الرئيس آنذاك مايك بنس، وقال فانس في ذلك الوقت: «لو كنت نائباً للرئيس لكنت رفضت التصويت على النتائج إلا إذا كانت الانتخابات حرة ونزيهة».

الخلفية الشخصية
ولد جي دي فانس في مدينة ميدلتاون، أوهايو، وقضى جزءاً من طفولته في مدينة جاكسون، بولاية كنتاكي، ونشأ على يد جده لأمه بينما كانت والدته تعاني من إدمان المخدرات. وبعد إنهاء المدرسة الثانوية في مدينة ميدلتاون، التحق فانس بقوات المارينز وتم إرساله إلى العراق، حيث قام بأعمال الشؤون العامة، ثم التحق لاحقاً بجامعة ولاية أوهايو ثم كلية الحقوق بجامعة ييل. وبعد تخرجه عمل لدى الملياردير بيتر ثيل بشركة «باي بال»، ثم أسس شركته الخاصة لرأس المال الاستثماري، ثم رشح نفسه لعضوية مجلس الشيوخ عام 2022.

زوجته أوشا فانس هس محامية حققت مسيرة مهنية ناجحة في المجال القانوني، وعملت كاتبةً لدى قاضي المحكمة العليا جون روبرتس وقاضي المحكمة العليا بريت كافانو قبل ترشيح ترمب له لمنصب في المحكمة العليا. وزوجة فانس من أصول هندية، ولدت لأبوين مهاجرين من الهند، والتحقت بجامعة ييل وعملت في مجلة «ييل للقانون والتكنولوجيا»، كما عملت محامية في شركة «مونجر وتولز وأولسون للمحاماة». والتقت بفانس خلال الدراسة بجامعة ييل حينما كانا طالبين وتزوجا عام 2017 وليهم ثلاثة أطفال.

حملة مضادة
بدأت حملة الرئيس جو بايدن التخطيط لتصوير جي دي فانس على أنه شخص متطرف، خصوصاً فيما يتعلق بمواقفه من قضية حق الإجهاض التي تتخذها حملة بايدن قضية محورية، إضافة إلى إلقاء الضوء على تصريحات فانس التي هاجم خلالها ترمب في السابق، وأبرزها ما كتبه فانس في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز» عام 2016 وصف فيه ترمب بأنه غير مناسب لتقلد منصب رئيس الولايات المتحدة. وتحاول حملة بايدن توجيه هذا الهجمات ضد فانس خوفاً من قدرته على كسب الناخبين المترددين، خصوصاً من الشباب في الدوائر الانتخابية التي تجتهد حملة بايدن لتحقيق نتائج جيدة فيها مع فئات الناخبين من الشباب والنساء.

وستتواجه نائبة الرئيس كامالا هاريس مع جي دي فانس، المرشح الجمهوري الجديد لمنصب نائب الرئيس، في مناظرة تليفزيونية في سبتمبر (أيلول) المقبل، ورغم أن الناخبين لا يتأثرون عادة بمواقف نائب الرئيس مثلما يتأثرون بالمرشح الرئاسي فإن المرشحين الرئاسيين يسعون دائماً إلى اختيار شخص في منصب نائب الرئيس يتمتع بالقدرة على جذب مزيد من الناخبين أو جمع المانحين والتبرعات.

إذا فاز ترمب وفانس بالانتخابات الرئاسية الأميركية، ووصل الاثنان إلى البيت الأبيض، فإن منصب جي دي فانس الشاغر في مجلس الشيوخ قد يمنح الديمقراطيين فرصةً للفوز به في الانتخابات العامة.