قبل 4 سنوات وتحديدا عقب انتخابه زعيما جديدا لحزب العمال البريطاني تعهد كير ستارمر بأهمية إنهاء “الشقاق الحزبي” كمطلب مهم للتعافي من هزيمة 2019.
وعلى مدار السنوات الماضية، قام ستارمر، المدعي العام السابق ومحامي حقوق الإنسان، بسحب حزب العمال مرة أخرى إلى الوسط بعد أن حل محل اليساري جيريمي كوربين كزعيم في عام 2020.
وبسياسات هادئة، تمكن من إلحاق هزيمة مدوية بحزب المحافظين في انتخابات 2024 ساهم فيها تخبطات الحزب التي ألحقت صدمات بالاقتصاد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووباء كورونا.
وحقّق حزب العمّال البريطاني انتصاراً ساحقاً في الانتخابات التشريعية الخميس، لينهي بذلك 14 عاماً متتالية من حكم المحافظين ويفتح أبواب داونينغ ستريت أمام زعيمه كير ستارمر.
والجمعة، أعلن رئيس وزراء بريطانيا المنتهية ولايته ريشي سوناك، استقالته من منصبه، لافتا إلى أنه سيلتقي الملك تشارلز الثالث لتقديمها رسميا بعد هزيمة مدوية لحزب المحافظين في الانتخابات العامة.
قبل أن ينشر قصر باكنغهام صورة تظهر الملك تشارلز الثالث مصافحا ستارمر مع إعلان تعيينه رسميا رئيسا للوزاء.
من هو رئيس الوزراء البريطاني الجديد؟
كير ستارمر هو محام حقوقي من الطبقة العاملة ورئيس سابق لدائرة الادعاء الملكية، معروف عنه تبنيه السياسات التي تستهدف تحسين المساواة الاجتماعية، بما في ذلك تعزيز الخدمات، واتخاذ إجراءات أقوى بشأن تغير المناخ.
وبحسب مقربين منه فإن ستارمر هو شخص يهتم بالتفاصيل؛ ولكنه يفتقر للكاريزما التي يتمتع بها توني بلير مثلا الذي قاد العمال لانتصار كبير أيضا في التسعينيات من القرن الماضي.
وبزغ نجم ستارمر عندما كان محاميا حقوقيا شابا قبل بدء مشواره المهني في السياسة، كما برز باعتباره متحدثا باسم حزب العمال لشؤون بريكست.
صوّت ستارمر لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي عام 2016، ودفع حزبه، الذي كان منقسما بشأن الانفصال عن أوروبا، للانفتاح على استفتاء ثان.
ورغم أن ستارمر، الذي يعيش في شمال لندن، يحمل لقب سير، لكن أصوله تعود إلى الطبقة العاملة، فوالدته ممرضة ووالده حرفي، كما أنه لا يفضل استخدام اللقب الشرفي.
ولد ستارمر في سبتمبر/أيلول عام 1962، ودرس القانون بجامعة ليدز وأكسفورد، قبل أن يصبح محاميا رفيع المستوى لحقوق الإنسان، وكان عضوا مؤسسا في مجموعة “دوتي ستريت تشامبرز” البريطانية للمحامين عام 1990.
كما عمل على القضاء على عقوبة الإعدام بمنطقة الكاريبي وأفريقيا، وفي تايوان. وكان مستشارا حقوقيا لمجلس الشرطة في إيرلندا الشمالية، إذ أشرف على امتثال دائرة شرطة إيرلندا الشمالية لقانون حقوق الإنسان.
وعام 2008، تم تعيينه مديرا للنيابة العامة ورئيسا لدائرة الادعاء الملكية لإنجلترا وويلز.
وفي مايو/أيار عام 2015، انتخب نائبا برلمانيا خلال الانتخابات العامة هذا العام، ولاحقا تم تعيينه وزير الداخلية بحكومة الظل قبل استقالته من هذا المنصب عام 2016، بحسب صحيفة “إيفنينغ ستاندرد” البريطانية.
لكن تم تعيينه لمنصب وزير بريكست بحكومة الظل عام 2016، وواصل استخدام منصبه لمساءلة الحكومة عن خططها فيما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ومنذ رئاسته للحزب نجح ستارمر في إعادة سياسة حزب العمال إلى الوسط بعد فترة من قيادة جناح اليسار للحزب وإخفاقه في الانتخابات، ورسم صورة لحزبه باعتباره الحزب الذي سيحقق التغيير للناخبين الساخطين.
وقال ستارمر، في أول رسالة لحملته الانتخابية لأعضاء الحزب: «حزب العمال سيوقف الفوضى ويطوي الصفحة ويستعيد مستقبل بريطانيا»، واصفا الانتخابات بأنها «معركة حياتنا».
هل سيغير سياسة بريطانيا الخارجية؟
وتمتد براغماتية ستارمر الحذرة إلى السياسة الخارجية أيضًا، إذ يرغب في إقامة علاقة أوثق مع الاتحاد الأوروبي.
وبعد أن وصف تصريحات دونالد ترامب بأنها “بغيضة” في عام 2016، يقول الآن إن حكومة حزب العمال ستعمل مع من سيفوز بالبيت الأبيض في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل التي يتنافس فيها ترامب مع الرئيس الحالي جو بايدن.
وقد تسبب موقف ستارمر المتشدد في السياسة الخارجية في مشاكل مع قاعدته الانتخابية؛ فتصريحاته بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول التي شنتها حماس، والتي أشار فيها إلى أن لإسرائيل الحق في حجب الكهرباء والمياه عن غزة، قد ألحق ضرراً بالغاً بالعلاقات مع الناخبين المسلمين والمؤيدين للفلسطينيين، إلا أنه أوضح لاحقًا تصريحاته ودعا منذ ذلك الحين إلى وقف دائم لإطلاق النار.
ورغم أن سيل المشاكل الهيكلية التي تواجه المملكة المتحدة سوف يختبر ستارمر قدرته على الموازنة بين الحذر اليوم والرؤية غداً، فإن رسالة حملته تعد بسيطة في الوقت الحالي؛ وهي أن الوقت قد حان للتغيير، بعد 14 عامًا من حكم المحافظين.
أول تصريحات ستارمر بعد تعيينه
وفي رسالة طمأنة، قال رئيس الوزراء البريطاني الجديد “شعبنا صوت من أجل التغيير وعودة حزب العمال إلى الحكم، حكومتنا ستخدم جميع البريطانيين”.
وأضاف: “سنعيد بناء البلاد وتأمين حدودنا، عملنا مُلح للغاية وجهودنا ستبدأ من اليوم”.
فيكتوريا ستارمر
وفيكتوريا ستارمر امرأة يهودية، تلعب دورا مهما في تشكيل قيم وممارسات عائلتها، وفقما ذكرت صحيفة “جيروسالم بوست” الإسرائيلية.
وأوضحت الصحيفة أن “فيكتوريا ملتزمة بالعقائد والتقاليد الثقافية اليهودية وتشارك في مكافحة معاداة السامية”.
ولدت فيكتوريا ستارمر، واسمها الأصلي فيكتوريا ألكسندر، عام 1963 في شمال لندن.
وكان والدها يهودي بولندي، ووالدتها طبيبة تحولت إلى اليهودية عند الزواج.
ولدى سيدة بريطانيا الأولى عائلة تعيش في إسرائيل، وأعرب كير عن قلقه العميق على سلامتهم أثناء هجوم 7 أكتوبر.
وخلال نشأة فيكتوريا، كانت منغمسة في التقاليد والممارسات الثقافية اليهودية، التي لعبت دورا مهما في تشكيل قيمها ونظرتها للحياة.
وأضافت “جيروسالم بوست”، أنه “في منزل ستارمر تتم مراعاة التقاليد اليهودية، ورغم كون كير ملحدا فإن الأسرة تحتفل بانتظام بالسبت، وهو يوم الراحة الأسبوعي، مع التجمعات العائلية والطقوس التقليدية”.
وذكرت صحيفة “جويش كورونيكل”، أن “الأسرة تربي أطفالها على الوعي بهويتهم اليهودية، ويشاركون في مختلف العادات والاحتفالات الدينية”.
وأكد كير للصحيفة على “أهمية هذه التقاليد في المنزل، مما يضمن أن يفهم أطفالهما ويقدرون تراثهم الثقافي والديني”.
وتنتمي الأسرة إلى الكنيس اليهودي الليبرالي في سانت جونز وود بلندن، مما يعكس مشاركتهم النشطة في المجتمع اليهودي.
وصرح كير للصحيفة: “زوجتي على وجه الخصوص تريد أن يعرف أطفالنا ديانة عائلتها”.
والكنيس اليهودي الليبرالي جزء من الحركة اليهودية الليبرالية، وهو فرع تقدمي من اليهودية يشبه اليهودية الإصلاحية في الولايات المتحدة.