السياسي – أُجِّلت مفاوضات القاهرة التي جرت على مدار الثلاثة أيام الماضية، ولم تحقق تقدمًا كبيرًا، بسبب التعنت الإسرائيلي.. وأوضحت حركة حماس أن وفدها غادر القاهرة، اليوم الخميس، للتشاور مع قيادة الحركة، في ظل استمرار المفاوضات والجهود لوقف العدوان وعودة النازحين وإدخال المساعدات الإغاثية للشعب الفلسطيني.
وكانت حماس، قد قالت أمس الأربعاء، إنها أبدت المرونة المطلوبة بهدف الوصول إلى اتفاق يقضي بوقف شامل للعدوان على غزة، غير أن الاحتلال لا يزال يتهرب من استحقاقات هذا الاتفاق، خاصة ما يحقق الوقف الدائم لإطلاق النار وعودة النازحين والانسحاب من القطاع وتوفير الاحتياجات.
أشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، إلى أن الأسئلة الرئيسة التي تريد إسرائيل الإجابة عنها هي: عدد السجناء الفلسطينيين الذين تريد حماس إطلاق سراحهم مقابل كل محتجز تقوم الحركة بإطلاق سراحه، بالإضافة إلى التعرف على عدد المحتجزين الأحياء.. وتطلب إسرائيل من «حماس» الإفصاح عن عدد المحتجزين المرضى وكبار السن والنساء الأحياء، وهو رقم تقول تل أبيب إنه حوالي 40، في حين تؤكد «حماس» أنها بحاجة إلى بضعة أيام من دون قتال لحساب الرقم.
نتنياهو كلمة السر في عرقلة صفقة التبادل
يؤكد أستاذ حل النزاعات الدولية والإقليمية، الدكتور علي الأعور، أن «حماس» قدمت بالفعل المرونة لتسهيل عقد اتفاقية الهدنة وإطلاق سراح الأسرى، والواضح أن حركة حماس، لم تعد تطالب بوقف شامل لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من القطاع في المرحلة الأولى، على أساس أن الانسحاب الإسرائيلي والوقف الشامل للعدوان في المرحلتين الثانية والثالثة، ولكن من يعطل الاتفاق هو رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو.
وقال : إن الذي يضع المعوقات والشروط التعجيزية، هو نتنياهو، وحتى إنه لم يرسل وفدا لمفاوضات القاهرة، وبالتالي لا يمكن للمفاوضات أن تستمر، بينما تستمر عمليات شيطانية من المجازر والمذابح للشعب الفلسطيني في غزة.
الكرة في ملعب الولايات المتحدة
وأضاف «د. الأعور»، أن حماس قد أبدت مرونة كبيرة في المفاوضات غير المباشرة، والآن الكرة في الملعب الأميركي، لأن الإدارة الأميركية لو أرادت وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لفعلت في ساعة واحدة، فهي تمتلك القرار، وهي التي تدير المعركة، ولكن نجدها فقط تتجه لإنزال مساعدات من الجو، في حركة لإذلال شعبنا، رغم أنها تملك أن تدخل المساعدات برا، ولكن إذا توفرت الإرادة الحقيقية.
نتنياهو يخطط للبقاء في قطاع غزة 10 سنوات
ولا تزال المعوقات كما هي منذ بداية المفاوضات المتعثرة في القاهرة، بحسب خبير الشؤون الدولية الفلسطيني، نهاد أبو غوش، مؤكدا أن المعوقات لم تتغير كثيرا، بسبب التعنت الإسرائيلي الذي يتشدد في كل تفصيلة، حتى إن مصادر عبرية تقول إن نتنياهو بات قادرا على إفشال أي اتفاق بأي بند.. مثلا في موضوع الإفراج عن الأسرى، نتنياهو اشترط إبعادهم إلى خارج الوطن، وبالتالي فإن هذا سوف ينسف الصفقة من أساسها.
وفي موضوع عودة النازحين إلى محل سكنهم في شمال غزة، اشترط نتنياهو أن تكون العودة فقط للنساء والأطفال.. وفي موضوع وقف إطلاق النار، هم يقولون إنه وقف مؤقت ولا حديث عن وقف شامل لإطلاق النار، ولن يكون، وإنما هذه مجرد أمنيات مصرية قطرية أميركية، بأن «الهدن» سوف تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار.. وبشأن الانسحاب من أماكن مأهولة، إسرائيل تتحدث عن أماكن مكتظة.
وبالتالي لا تزال العقد كما هي، وموقف أميركا متناقض، لأنهم يريدون فقط إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل هدنة مؤقتة وإدخال المساعدات.
إسرائيل تريد إبقاء القطاع محاصرًا
وقال «أبو غوش» : إسرائيل تريد إبقاء القطاع محاصرًا ومخنوقًا بقواتها العسكرية من جميع الجهات، لكي يفرضوا على غزة الإملاءات الأمنية والسياسية والعسكرية.. وتقول إسرائيل، إنها بحاجة إلى عامين لتفكيك البنية العسكرية لحماس والمقاومة، و8 سنوات لضمان عدم نشوء ألوية جديدة لحماس.. أي تخطط للبقاء 10 سنوات في القطاع.. وكل هذا يختصر خطة نتنياهو لغزة بعد الحرب!
نتنياهو غير معنٍ بصفقة تبادل الأسرى
ويؤكد الباحث في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أن نتنياهو هو الذي يعيق توقيع الصفقة وبشهادة العديد من المراقبين والسياسيين والخبراء في إسرائيل، فهو لا يريد الصفقة، وليس معنيا باتفاقية تبادل الأسرى، فهو يخشى على ائتلافه الحكومي ومستقبله السياسي.
وأضاف : أن ما يحدث أمر مستهجن، حيث يلقون اللوم على «حماس»، وهي التي تقدم المرونة الكافية، وهي التي لا تريد لنفسها شيئا، وإنما للفلسطينيين في قطاع غزة، من حيث إدخال المساعدات، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، ووقف نزيف الدم المتواصل كل ساعة، فإسرائيل هي الطرف المتحكم في إطلاق النار من خلال العدوان، وهي المفروض أن تقدم تنازلات وبمرونة كافية لوقف عدوانها، وليس بالطبع «حماس».