السياسي – تتزايد التساؤلات حول اتساع مساحات “العنف السياسي” في الولايات المتحدة الأمريكية مع حادث إطلاق النار على الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، في تجمع بـ”بنسلفانيا” الانتخابي، السبت، والذي صُنف على أنه محاولة اغتيال.
ويأتي الحادث بعد نحو 4 سنوات من مشهد هدد ممارسة “الديمقراطية الأمريكية”، في واقعة اقتحام مبنى “الكابيتول” في يناير 2021، من جانب مؤيدين وأنصار لـ”ترامب”.
شبح الحرب الأهلية
ويمهد انتشار السلاح في الولايات المتحدة، بين المدنيين والمواطنين العاديين، بعيداً عن أي ضوابط، أرضية داعمة لمواجهات سياسية وحوادث اغتيال، ويعمّق مخاوف اندلاع حرب أهلية أيضاً في أمريكا، لا على الخلفيات السياسية فقط، ولكن هناك خلفيات أخرى تدعم ذلك.
ورفض عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، ناجي مطش، الجزم بأن العنف السياسي في الولايات المتحدة أصبح جزءاً من الممارسة الديمقراطية الأمريكية.
واعتبر أن المسار السياسي للإدارة الأمريكية، والذي وصفه بـ “الغباء السياسي”، هو السبب وراء حتمية وجود تصادم كبير في المجتمع الأمريكي غير مسبوق.
وأبدى مطش استغرابه من التصريح الصادر عن مكتب التحقيقات الفدرالي بعد حادث الاعتداء على ترامب، حول “عدم امتلاك معلومات مسبقة حول الحادث”.
وعلّق مطش بأن “هذا أمر مضحك للغاية، التوقعات قائمة وظاهرة حول ذلك”، مضيفاً: “أتناقش دائماً مع أصدقائي حول توقعات تتعلق بأن هناك محاولة اغتيال ستطال أحد المرشحين في هذه الانتخابات”.
وتساءل عضو الحزب الديمقراطي: “كيف للمباحث الفدرالية أن تصدر هذا التصريح العجيب؟!”.
ورأى مطش أن توقعات الحرب الأهلية ترتفع نسبتها بشكل غير مسبوق والداخل الأمريكي منقسم للغاية، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من أنصار ترامب يميل إلى العنف، ولكن لا نستطيع هناك توجيه الاتهام للديمقراطية الأمريكية”.
وأعرب النائب الأمريكي عن أمله في الوصول إلى ما يدور من توقعات تتعلق بحدوث صدام داخل الشارع الأمريكي، لا سيما أن كمية السلاح المنتشرة الآن بين المواطنين الأمريكيين، باتت بأعداد كبيرة للغاية.
ترسانة أسلحة
وفي السياق ذاته، أكد المحلل السياسي أحمد محارم، أنه كان هناك 320 مليون قطعة سلاح في أيدي المواطنين قبل مجيء ترامب منذ 8 سنوات، واليوم وصل إلى 400 مليون قطعة سلاح، أي أن هناك زيادة تقدر بنحو 80 مليون قطعة سلاح.
وأرجع الترسانة التسليحية بحوزة المواطنين الأمريكيين إلى أسباب أولها أن الشركات التي تنتج الأسلحة وملّاكها من أصحاب رؤوس الأموال، داعمون لكل الشخصيات السياسية الكبيرة التي تكون مرشحة سواء للكونغرس الحالي، أو في المستقبل.
ورأى أن كل الرؤساء الأمريكيين، السابقين والحاليين والمستقبليين، لن يستطيعوا القضاء على منظومة تجارة السلاح، رغم أنها دائمًا ما تكون ضمن وعودهم الانتخابية.”
ويعتقد محارم أنه رغم أن المجتمع الأمريكي يعاني إلى حد بعيد أزمةَ حمل السلاح، لكن من وقت إلى آخر، ستلفظ الممارسة الديمقراطية للشعب الأمريكي كل هذه التصرفات غير المسبوقة، وسترفض أي تصرفات تكون خارجة عن القانون”.
وحمّل محارم ترامب جزءًا من هذه المسؤولية لهذا المشهد، مشيرًا إلى أن ما وصفه بـ”الأسلوب الفوضوي” لترامب في فترة الحكم السابقة قبل 4 سنوات، يتحمل جانبًا كبيرًا، عندما دعا إلى أسلوب جديد للممارسة السياسية، لم يكن الشعب الأمريكي معتادًا عليه، وذلك عبر وقائع عدة، في إشارة إلى حادث “الكابيتول”.
واتفقت الباحثة السياسية والصحفية، ليلى الحسيني، مع رأي سابقها، وقالت إن دعاة العنف هم الآن ضحايا العنف، وأن حقيقة تعرض ترامب للهجوم، سوف تلقي بظلالها على الأحداث لسنوات عديدة.
وأكدت أن العنف السياسي لا يُعد ظاهرة جديدة في الولايات المتحدة، لكن خطره تصاعد بمعدل يفوق 10 أضعاف خلال السنوات الأخيرة من قبل المتطرفين.
واعتبرت أن إصابة ترامب سلطت الضوء على التهديد الدائم الذي يخيم على المنصب الرئاسي ومن يتولونه، وحتى الساعين إليه في الكثير من الأحيان، لتدلل على ذلك باغتيال 4 رؤساء أمريكيين وهم في مناصبهم، كان آخرهم الرئيس جون كيندي الذي قتل عام 1963.
وتشير الحسيني إلى أن بيئة الاستقطاب السياسي المتفاقمة في المجتمع الأمريكي منذ سنوات وما يصفه السياسيون والمشرعون والمحللون، باللغة القاسية والمعلومات المضللة والمشوشة التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام التي تتسلل إلى الخطاب السياسي هي التي مهدت الأرض لعنف حقيقي.