هل تنهار الحكومة الإسرائيلية بعد تهديدات غانتس وشروطه

السياسي – قلّل مختصون في الشأن الإسرائيلي من تبعات التهديدات التي أطلقها الوزير في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، بالانسحاب من الحكومة خلال الأسابيع القادمة، حال لم يتم البدء بخطة عمل استراتيجية للحرب في قطاع غزة.

ورأى مراقبون أنّ انسحاب “غانتس” المتوقع من الحكومة في أعقاب رفض مكتب بنيامين نتنياهو شروطه، خطوة متأخرة من شأنها أن تنعكس سلبًا على شرعية الحكومة الإسرائيلية وسيُعمق أزمتها عالميًا، لكنها لن تؤدي بالضرورة إلى انهيارها.

فيما يعتقد آخرون أنّ تصريحات “غانتس” هدفها مخاطبة جمهور الناخبين الإسرائيليين، وأن خطابه بمثابة مناورة سياسية؛ تحسبًا لما قد يحدث سياسيا أو ميدانيا خلال الشهر المقبل.

وكان “غانتس” أمهل الليلة الماضية “نتنياهو”، حتى الثامن من شهر حزيران/ يونيو المقبل، لتطبيق خطته الخاصة بتصوراته لكيفية إدارة الحرب والاستجابة لمطالبه، مهددًا بالاستقالة حال تم رفض شروطه.

وطالب “غانتس” في خطاب متلفز بالمصادقة على مخطط يهدف إلى إعادة الرهائن، وإسقاط حكم “حماس” ونزع سلاح المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وإقامة إدارة دولية تدير غزة مدنيًا وليس حكمًا عسكريًا مباشرًا كما يريد نتنياهو.

ووفقاً لخطة “غانتس” فإنه يتوجب إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بحلول الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل، ودفع عجلة التطبيع مع السعودية قدمًا، واعتماد خطة لانخراط جميع الإسرائيليين في صفوف الجيش (في إشارة لليهود المتدينين).

في المقابل، رد “نتنياهو” على تهديد “غانتس” بالرفض، قائلًا إن ذلك “معناه واضح: نهاية الحرب وهزيمة إسرائيل، والتخلي عن معظم الرهائن، وترك حماس سليمة وإقامة دولة فلسطينية”.

-نتنياهو لا يبدو قلقًا

وعن ذلك، يقول المختص في الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي إنّ “انسحاب غانتس المتوقع سينزع الكثير من الشرعية عن حكومة نتنياهو، وسيعمق أزمتها عالمياً، لكن بالنسبة لنتنياهو لا يبدو الأمر مقلقاً”.

ويوضح البرغوثي أنّ لدى “نتنياهو اليوم 64 عضوًا في الكنيست مؤيدين لحكومته وسياسته، هؤلاء يحافظون على استقرار ائتلافه الحكومي ويمنعون انهياره، لذلك هو لا يبدو مهتماً ولا مكترثاً كثيراً لتلويح غانتس بالاستقالة”.

ويشير إلى أنّ خطوة “غانتس” التي جاءت في سياق لعبة عضة الأصابع مع “نتنياهو”، متأخرة جدًا وجاءت بعد خسارته الكثير من المقاعد، وفقاً للاستطلاعات الرأي العام الإسرائيلي.

ويُضيف أن “غانتس” وضع شروطه وهو يدرك تمامًا أن بنيامين نتنياهو سيرفضها، وبالتالي سيوفر له ذريعة للانسحاب مع الحكومة بعد تحميل الأخير المسؤولية، مستقوياً بحراك الشارع.

-اختلاف على التكتيك واتفاق على الاستراتيجية

ويعتقد البرغوثي أن “نتنياهو” و”غانتس” متفقين على استراتيجية إدارة الحرب في غزة ومختلفين على تكتيكات تحقيق هذه الاستراتيجية وعلى ترتيب الأولويات.

وهو ما يؤيده الباحث في مركز تقدم للسياسات أمير مخول، مؤكدًا أنّ “الخلاف بين الرجلين هو على الطرق الموصلة لاستراتيجية يتفقان عليها”.

ويردف مخول:” من الواضح أن غانتس يتحدى نتنياهو لفظياً ويتبنى طريقه فعلياً”.

ويرى أنّ “غانتس” الذي تراجعت شعبيته كثيرًا، لم يعد يملك القدرة المؤثرة لاتخاذ خطوة متدحرجة تدفع لإسقاط الحكومة، وهو يريد تخليصها من سطوة الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش وتحكمهما بالقرار الإسرائيلي، لكنه لا يبدو قادرًا على تحقيق ذلك”.

ومن وجهة نظر “المخول” فإن “نتنياهو يرى أن غانتس بالشروط التي وضعها، يحاول استمالة القاعدة الانتخابية اليمينية المُحبَطة من نتنياهو، لكن الأخير قام عمليًا بمخاطبتها من خلال رفضه لشروط غانتس”.

وحسب الباحث في مركز تقدم للسياسات فإن “غانتس” زاد ضعفاً، فخطابه الليلة الماضية رفضه نتنياهو واليمين، وشكّل خيبة أمل لدى المعارضة التي تطالبه بالاستقالة فورًا وتعتبره شريكًا بورطة “إسرائيل” الاستراتيجية القائمة اليوم.

هذا وقد أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية أشرف بدر أنّ “غانتس” سعى لمخاطبة جمهور الناخبين الإسرائيليين بقوله لهم “أنا يميني ولكنني مختلف عن نتنياهو، ورغم أنني أتبنى الأهداف نفسها، فإنني لست رهينا للأقلية التي يقصد بها أحزاب الصهيونية الدينية”، التي وصفها بـ “الجبن”.

فيما رجح مدير مكتب القدس للدراسات عريب الرنتاوي، أنّ “غانتس” ربما يراهن على حدوث تطورات سياسية أو ميدانية خلال المهلة التي منحها لـ “نتنياهو”، ليحافظ بذلك على شعرة معاوية مع هذا الائتلاف ومع الحكومة المقبلة وترك خياراته مفتوحة للمرحلة القادمة، واصفا خطابه بالانتخابي الموجه للناخب الإسرائيلي.

شاهد أيضاً