هل يجب أن نقلق من انتشار فيروس أوروبوش؟

السياسي -وكالات

مؤخراً أطلقت منظمة الصحة العالمية “تحذيراً وبائياً” من الانتشار غير المسبوق لفيروس أوروبوش في بلدان أمريكا اللاتينية، وخاصة البرازيل، ما قصة هذا الفيروس وإلى أي مدى يجب أن نقلق من انتشاره؟

تاريخياً تم اكتشاف فيروس أوروبوش في عام 1955 في ترينيداد وتوباغو، على ضفاف نهر صغير يحمل نفس الاسم، وقد نُشرت أول دراسة علمية عنه في عام 1961.

ومنذ ذلك الحين، تم توثيق حوالي نصف مليون حالة إصابة بشرية، بشكل رئيسي في مدن ضفاف النهر في حوض الأمازون.

وقد أحدثت الوفيات التي تم تسجيلها مؤخراً في البرازيل قلقاً بالغاً، إلى جانب تضاعف انتشار العدوى لتتجاوز معدل المئات الذي تم تسجيله العام الماضي إلى أكثر من 7 آلاف في 2024.

العدوى
بحسب “مديكال إكسبريس”، وسيلة العدوى الأساسية لانتشار حمّى أوروبوش هي لدغ الحشرات كالبعوض والبراغيث، لكن ما حدث في العامين الأخيرين هو طفرة محتملة للفيروس جعلته أكثر عدوانية، سواء من حيث القدرة على الانتشار أو التسبب في وفيات.

وحشرة كوليكويديس Culicoides هي الناقل الرئيسي لفيروس أوروبوش، ولكن نظراً لانتشار العدوى خارج مناطقها المألوفة، يخشى من تكيف هذه العدوى مع البعوض في المدن.

هل وصل أوروبا؟
قصة الانتشار الأخير للفيروس تعود إلى عدة تقارير خلال الشهر الماضي يوليو(تموز)، حيث أبلغ تقرير للمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها أن إيطاليا وإسبانيا أبلغتا عن 3 حالات من حمى أوروبوش لدى مسافرين عائدين من كوبا.

أما الانتشار الأكبر في عام 2024 فهو في 20 منطقة من البرازيل، ومنها مناطق لم تشهد هذا الفيروس من قبل، بينما يستمر الانتشار في بلدان أمريكا اللاتينية مثل: بوليفيا وكوبا وكولومبيا وغويانا الفرنسية وبيرو.

الخطر الحالي
ويشرح الدكتور يوريكو أرودا، أستاذ علم الفيروسات في كلية الطب بجامعة ساو باولو، والذي درس الفيروس لـ 3 عقود، وجه الخطر الذي يمثله الانتشار الحالي.

يقول أرودا: “ربما اكتسب الفيروس طفرة قاتلة أثناء إعادة التركيب، عندما تصيب سلالتان نفس الخلية. فإذا أصاب فيروسان نفس الخلية، قد يؤدي ذلك إلى ظهور فيروس مختلف. ويبدو أن هذا حدث، ما تسبب في تغيير في سلوكه، وجعله أكثر عدوانية”.

سلالة جديدة
وقد تم بالفعل التحقيق في إمكانية حدوث طفرة في فيروس أوروبوش. وأشارت دراسة حديثة نشرتها “مجلة علم الفيروسات” أجراها علماء برازيليون إلى أن سلالة جديدة من الفيروس كانت وراء تفشي المرض في عام 2022 في منطقة غرب الأمازون، وهو الأكبر المسجل في البلاد.

للوصول إلى هذا الاستنتاج، قام الباحثون بتحليل جينوم فيروس أوروبوش في 383 عينة من مرضى محليين بين عامي 2022 و2024، ووجدوا أن السلالة الجديدة مرتبطة بنوع الفيروس الذي انتشر قبل سنوات في منطقة شرق الأمازون، والمرتبط بآخرين نشأوا في بيرو وكولومبيا والإكوادور.

وقال فيليبي نافيكا، رئيس مختبر الفيروسات المنقولة في معهد أوزوالدو كروز، وهو باحث مشارك: “إن هذا المزيج من الأجزاء من أصول جغرافية مختلفة أدى إلى إعادة ترتيب وراثي جديد”.

وفيما يتعلق بالوفيات، يقول نافيكا: “تثبت الوفيات أن الإصابة بالفيروس يمكن أن تكون قاتلة، ما يؤكد الشكوك السابقة. ولكن من الضروري إجراء مزيد من التحقيق في الآلية الدقيقة التي يحدث بها هذا”.

أسباب الانتشار
وفقاً للدراسة فإن انتشار الفيروس كان مدفوعاً بعوامل مختلفة، مثل حركة البعوض، والسفر البشري، وإزالة الغابات، والغزو الزراعي، والأحداث الجوية المتطرفة مثل ظاهرة النينيو التي أثارت مجموعة من الأعاصير بين الأمريكتين.

وقد عبر الباحثون عن اندهاشهم من التقدم الصامت للفيروس بهدوء من الأمازون البرازيلي إلى مناطق ودول أخرى.

ويمكن للفيروس أن يمر عبر المشيمة ويصيب الجنين، وتحقق وزارة الصحة البرازيلية في 6 حالات من انتقال حمى أوروبوش من الأم إلى الطفل، أدت حالتان منها إلى وفاة الجنين، وأدت حالة واحدة إلى الإجهاض، وأظهرت 3 حالات تشوهات خلقية مثل صغر الرأس، وهو تشوه مرتبط أيضاً بفيروس زيكا.

وحالياً، يُخشى أن يتكيف الفيروس المتحوّر مع البعوض الحضري، وهو احتمال لم يتم تأكيده بعد.

منع الانتشار
وفي مؤتمر عقد مؤخراً حول فيروس أوروبوش في جامعة ليدز ببريطانيا، قرر العلماء الدوليون توحيد الجهود لتطوير طريقة تشخيص سريعة واختبار عقار محتمل، فلا يوجد علاج حتى الآن لهذه العدوى.

أما استراتيجيات الوقاية فتركز على الحد من تكاثر البراغيث والبعوض من خلال الحد من المصدر، أي إزالة وتعديل مواقع التكاثر، والحد من الاتصال بين الحشرات والبشر.

ويمكن تحقيق ذلك من خلال تقليل عدد الموائل الطبيعية والاصطناعية المليئة بالمياه التي يعيش فيها البعوض وتسمح بنمو اليرقات.

شاهد أيضاً