وزير تونسي سابق يعلن الترشح للرئاسة من داخل سجنه

السياسي – أعلن الوزير التونسي الأسبق والمعارض السياسي الموقوف، غازي الشواشي، ترشحه للانتخابات الرئاسية في تونس المزمع تنظيمها في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024.

وذكر الشواشي، في بيان نُشر على صفحته الرسمية بموقع التواصل فيسبوك، أنّه تم الاثنين إيداع قضيتين استعجاليتين لدى المحكمة الإداريّة بعد رفض السلطات مدّه بالبطاقة عدد 3 ورفض هيئة الانتخابات مدّه باستمارة التّزكيات رغم وجود توكيل خاص بالغرض وقع نشره للعموم، وفقه.

كما أفاد الشواشي في إعلانه الذي أطلقه من السجن، بأنه تم التقدم بشكاية جزائية ضد هيئة الانتخابات ورئيسها للطعن في عدم استقلاليتهما، لما اعتبره “تحيزا واضحا وفاضحا تجاه المترشّحين”.

وقال: “لقد بان بالكاشف أنّ النظام الذي يتبجّح بشعبيته الجارفة يخشى مواجهة الجميع، معتقلًا كان أو مهجّرًا أو طليق السبيل، حدّ الرعب”، وفق ما ورد في نص البيان.

وذكر غازي الشواشي، الموقوف منذ شباط / فبراير 2023، أنّ تونس تعيش “أوضاعا متوترة مع ركود اقتصادي خطير وتدهور غير مسبوق للأوضاع الاجتماعية وعلاقات ديبلوماسية مشحونة، ممّا حوّل الحياة اليومية لعموم التونسيين إلى معاناة يوميّة في أوضاع صعبة ومتردية وبآفاق محدودة إن لم تكن مظلمة”.

وأضاف: “يرافق الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، سلوك سياسي تسلطي جائر من المنظومة الحاكمة وانفراد تام بالسلطة وغياب أي مجال للحوار والنقاش في الشأن العام”، مؤكدًا أنه “تمّ الدوْس على جميع مكتسبات ثورة الحرية والكرامة من حقوق وحريات فردية وعامّة، والأمر لم يعد يقتصر على الشخصيّات السياسيّة، بل بات تنكيلًا صريحاً ومعلناً لكل الأصوات المعارضة والنّاقدة”.

وتابع: “نعيش اليوم على وقع تأسيس لقواعد جديدة يصبح فيها المواطن مستباح الحقوق تمام الانتهاك، ويسلّط فيها سيف القضاء على رقاب الجميع، تنفيذًا لأهواء الزّمرة الحاكمة، في إنكار تامّ لقيم العدالة”.

وأوضح غازي الشواشي: “على الرّغم ممّا تشهده هذه الانتخابات من إخلالات أحاطت بها من قبل حتى أن يقع الإعلان عنها، وعلى الرّغم ممّا أتعرّض له شخصيًّا من تضييقات، فأنا متشبّث بحقوقي المدنية والسياسية وأعلن لعموم التونسيين ترشحي لرئاسة الجمهورية”.

وشدد الشواشي على القول بأن تونس “في حاجة إلى تغيير عميق وجذري، وإلى مرحلة جديدة تتّعظ من أخطاء الماضي، تلك التي شهدناها زمن الديمقراطية العليلة أو زمن الاستبداد، يكون على رأس أولويّاتها الشروع في إصلاح الاقتصاد والمالية العمومية وإعادة الثقة للفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وفتح باب الاستثمار ودفع النمو الاقتصادي، بالتوازي مع إصلاح المنظومة السياسية على أسس ديمقراطية تشاركية تكون فيها دولة المؤسسات والقانون واستقلالية القضاء الذي تم تركيعه اليوم، محور كل الإصلاحات”.

وأكد الشواشي تشبّثه بحقوقه المدنية والسياسية وحرصه على الدّفاع عن آخر المكتسبات الديمقراطية التي حقّقها الشعب، وقال: “لهذه الأسباب، ورغم كل هذه العراقيل والتعطيلات، ومن داخل المعتقل، بقلب مؤمن وعزيمة ثابتة أعلن لعموم التونسيين ترشحي لرئاسة الجمهورية وخوض المعركة سلميًا لا بقوة الأجهزة وخطابات العنف”، وفق البيان.

وفي 25 فبراير/ شباط من العام الماضي، أوقفت السلطات التونسية الشواشي، ووجهت له تهمة “التآمر على أمن الدولة” إلى جانب عدد آخر من الناشطين والسياسيين في البلاد.

كما يواجه الشواشي تهمة ثانية بعد أن رفعت وزيرة العدل ليلى جفال قضية ضده، على خلفية تصريح إذاعي قال فيه إن “رئيسة الحكومة قد قدمت استقالتها”، وتتمثل التهمة في “نشر أخبار زائفة ونسبة أمور غير صحيحة لموظف عمومي”.

وتشهد تونس منذ فبراير/ شباط 2023 حملة توقيفات شملت إعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال وسياسيين، بينهم رئيس “النهضة” راشد الغنوشي وعدد من قياداتها، منهم علي العريض ونور الدين البحيري وسيد الفرجاني.

واتهم الرئيس التونسي بعض الموقوفين بـ”التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار”، وهي اتهامات تنفي المعارضة صحتها.

وتشهد الساحة التونسية جدلا وانقساما بشأن الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بين من يعتبر أن شروط إجرائها “ديمقراطية ونزيهة” وبين من يرى المناخ السياسي بالبلاد “لا يساعد على إجراء انتخابات حرة وشفافة”.

وفي 2 يوليو/ تموز الجاري دعا الرئيس التونسي قيس سعيد، المواطنين إلى انتخابات رئاسية في 6 أكتوبر، بعدها أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في الـ4 من الشهر ذاته أن قبول الترشح للانتخابات يبدأ في 29 يوليو ويستمر حتى 6 أغسطس/ آب المقبل.

وخلال مؤتمر صحفي، كشف رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر عن تعديلين جديدين في شروط الانتخابات المقبلة وفق الدستور المعدل عام 2022، وهي التعديلات التي لم يتم تضمنيها بعد في قانون الانتخابات المعمول به في البلاد.

وتستند التعديلات الجديدة على المادة 89 من الدستور التي تنص على أن “الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل تونسي أو تونسية غير حامل لجنسية أخرى مولود لأب وأم، وجد لأب، وجد لأم تونسيين، وكلهم تونسيون دون انقطاع”.

وأن يكون المرشح أو المرشحة يوم تقديم ترشحه بالغا من العمر 40 سنة على الأقل، ومتمتعا بجميع حقوقه المدنية والسياسية، بحسب المادة ذاتها.

كما ألزمت الهيئة في شروطها الجديدة وجوب حصول المرشح على “بطاقة عدد 3” المتعلقة بالسوابق العدلية، لإثبات عدم وجود موانع قانونية لديه، وهو الشرط غير المنصوص عليه في النسخة المعدلة من الدستور لعام 2022.

وبطاقة عدد 3 (بطاقة السوابق العدلية) غير موجودة في الدستور ولكن معمول بها في الانتخابات السابقة التي جرت منذ فرض الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو 2021، وجاءت وفق المرسوم الرئاسي الصادر في سبتمبر/ أيلول 2022 الذي عدل القانون الانتخابي، قبيل انتخابات مجلس النواب.

وسبق وأعلنت جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة في أبريل/ نيسان الماضي أنها لن تشارك في الانتخابات؛ بداعي “غياب شروط التنافس”.

وقاطعت المعارضة كل الاستحقاقات التي تضمنتها إجراءات سعيد الاستثنائية في يوليو 2021، وشملت حلّ مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وتعتبر قوى تونسية تلك الإجراءات “انقلابا على دستور الثورة (عام 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).

شاهد أيضاً