السياسي – يعيش مئات الأطفال في محافظة إدلب بلا هوية أو وثائق، بعدما ولدوا نتيجة زيجات عقدت بين نساء سوريات ومقاتلين أجانب، قدموا إلى البلاد خلال سنوات الحرب قبل أن يقتلوا أو يختفوا.
وعلى الرغم من أن هؤلاء الأطفال أبناء لأمهات سوريات إلا أن هناك صعوبات في تسجيلهم قانونيا، ما يحرمهم من حق التعليم والرعاية الصحية والحماية القانونية ويجعلهم عرضة للتهميش والوصمة الاجتماعية.
وقد توافد المقاتلون الأجانب إلى سوريا، وتزايدت أعدادهم خلال سنوات الحرب التي شنها نظام الأسد ضد شعبه، حيث بلغ عددهم في بداية الثورة، حسب مصادر مطلعة نحو 40 ألفا.
وانضم قسم كبير منهم إلى تنظيم «داعش»، والبعض الآخر لتنظيمات ثانية، وجزء قليل موجود الآن شمال غربي سوريا، حيث شاركوا بقوة في القتال ضد قوات الأسد والميليشيات الإيرانية الداعمة له، كما انضم قسم منهم إلى فصائل المعارضة الإسلامية، حيث «انحسر وجود المقاتلين الأجانب في الشمال الغربي من سوريا، وخاصة في محافظة إدلب والأرياف القريبة منها، التي كانت تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» طوال سنوات الحرب، والتي منعتها بدورها من العمل الجهادي العابر للحدود.
-أهم المجموعات المقاتلة
وحسب ما قال باحث في شؤون الجماعات الجهادية إن بعض هؤلاء كانوا قريبين من هيئة تحرير الشام، وهم من جنسيات مختلفة عربية وأجانب، مشيرا إلى أن «أعداد المقاتلين الأجانب في سوريا اليوم يناهز خمسة آلاف عنصر على أبعد تقدير، ومن أبرز هذه الفصائل حزب التحرير الإسلامي التركستاني، الذي يتألف بشكل أساسي من مقاتلين من الإيغور القادمين من الصين، وهي الكتلة الأكبر للمقاتلين الأجانب، يضاف إليهم مجموعات المقاتلين من الشيشان والعرب والأوروبيين من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وألبانيا وأوزبكستان وطاجكستان والصين».
ويقود الحزب الإسلامي التركستاني الذي يضم إيغور الصين أبو محمد التركستاني، ويقدر عدد مقاتليه بنحو 3 آلاف مقاتل مع عائلاتهم.
أما مجموعة أنصار التوحيد فيقودها أبو ضياء سرمين، ويقدر عدد مقاتليها بـ 200 مقاتل، وهي مجموعة خليط من مقاتلين محليين وأجانب ويبلغ عددهم نحو 600 مع عائلاتهم، إضافة إلى مجموعة الشيشان ضمن مجموعة أجناد القوقاز الذين يقودهم أبو مسلم الشيشاني وهي مجموعة صغيرة لا يتجاوز عدد المقاتلين فيها 250 مقاتل، وأجناد الشام وهي مجموعة شيشانية يقودهم أبو عبد الملك الشيشاني يقدر عددهم ب 250 مقاتلا، ومجموعة الأوزبك وهي مجموعة صغيرة أيضا، إضاقة الى مجموعات الأكراد من إيران وبعض الأكراد الذين شكلوا مجموعة أنصار الإسلام، ويقدر عدد المقاتلين في هذه المجموعات بـ 150 مقاتلا، ومجموعة المهاجرين والانصار، وتنظيم حراس الدين، الذي يضم مقاتلين أردنيين ومغاربة وتونسيين ومصريين وأتراك. وكان يضم حوالي 800 مقاتل، لكن «هيئة تحرير الشام» قامت بشن حملات أمنية عديدة ضده، أدت إلى إضعافه، ثم انقسم إلى عدة مجموعات صغيرة.
أما كتيبة المجاهدين الغرباء، فتضم مقاتلين من الإيغور، والطاجيك، والأوزبك، ومقاتلين من جنسيات فرنسية وعربية. لا يتجاوز عدد عناصرها 400 عنصر، واندمجت في هيئة تحرير الشام تحت مسمى «لواء عمر بن الخطاب» وبقية المجموعات الصغيرة وكلهم دخلوا لنصرة الثورة السورية، لكنهم أسسوا فيما بعد كيانات ومجموعات، حسب المتحدث.
أم اسحاق أرملة من ريف إدلب تقول تزوجت مقاتلا «أجنبيا قبل سنوات وأنجبت منه طفلين قتل في إحدى المعارك، ومنذ ذلك الوقت وأنا عاجزة عن تسجيل أطفالي لا مدارس تقبلهم ولا جهة رسمية تستخرج لهم أي ورقة كل مرة أراجع المحكمة يقولون لي إن وضعهم معقد».
وأشارت السيدة الثلاثينية إلى أن معاناتها لا تقتصر على حرمان أطفالها من التعليم، بل تمتد إلى عدم قدرتها على تأمين الرعاية الصحية أو تسجيلهم في أي برنامج دعم إنساني أو كفالة ما يزيد من عزلتهم.
فاطمة زوجة مقاتل أجنبي تعيش في أحد المخيمات تقول إن أطفالها يواجهون نظرات الشك والرفض من المجتمع، إذ أن «معظم الناس تتعامل مع أولادي على أنهم أجانب، رغم أنني سوريّة بنت البلد»، وتابعت «بعد ما تركنا أبوهن واختفى، ولم أعد أعرف عنه أية معلومة، وفقدت الأمل في العثور أو اللقاء به، بت أعمل في بيع المواد الغذائية، وتنظيف المنازل وغيرها من الأعمال وكل ذلك لإعالة أطفالي، لكنه من الصعب أن أرى طفلي يكبر في وطنه الذي لا يشعر بالانتماء له، ابني اليوم بلا اسم وبلا هوية».
وحسب مصادر أهلية فإن «مئات الأطفال اليوم عالقون في دوامة الضياع دون أوراق ثبوتية ويدفعون ثمن حرب لم يخوضوها ويعيشون على هامش الحياة».
