“أبو شباب” وحماس ونفوذ السيطرة على غزة

بقلم: علاء مطر

من الواضح أن حركة حماس تقف اليوم أمام مأزق وجودي هو الأصعب منذ بداية نشأتها، وأضحت تفقد السيطرة فعليا على مناطق واسعة من جنوب القطاع، وخاصة في رفح، حيث يسيطر ياسر أبو شباب المدعوم إسرائيليا لإزاحة حماس عن المشهد، وفق ما اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو مؤخرا.

إن إنشاء وتدريب مجموعات أبو شباب، ليس سوى مقدمة لخلق كيانات أخرى في الساحة الفلسطينية، والمقصود هنا ليس ياسر الذي بات “ورقة محروقة”، بل أنه بات الآن هناك جهتين في غزة، “حماس” و”ياسر” والنتيجة أن كليهما لن يكون له نصيب في اليوم التالي بالقطاع.

بالمناسبة، نجحت مجموعات “أبو شباب” مؤخرا في تثبيت وجودها داخل رفح، مستغلة حالة الإنهاك التي أصابت البنى الأمنية والعسكرية لحماس نتيجة الحرب، فيما بدأت هذه الوحدة بإنشاء نقاط تفتيش خاصة بها، والتدخل في شؤون المعابر والأنشطة التجارية، ما جعلها تُظهر حضورا يشبه “الإدارة الموازية” في بعض المواقع، بينما التقديرات تشير إلى أن هذه المجموعات باتت تضع نصب عينيها مدينة خانيونس باعتبارها الهدف المقبل، نظرا لموقعها الاستراتيجي ووزنها الرمزي كمعقل تقليدي لحماس وفصائل أخرى.

فعليا، فإن استمرار هذا الزخم قد يؤدي إلى فقدان حماس لسلطتها الميدانية بشكل تدريجي، وهو سيناريو أخطر على الحركة من المواجهة العسكرية المباشرة مع إسرائيل، لأن فقدان السيطرة الداخلية يضرب شرعية حماس وقدرتها على إدارة شؤون الناس وضمان الأمن والنظام.

لدي معلومات بأن قيادة حماس بدأت فعليا سلسلة اجتماعات طارئة لبحث كيفية احتواء تمدد “أبو شباب”، وسط حالة من القلق المتزايد من انهيار منظومة السيطرة الموحدة، فيما تدرس الحركة إعادة هيكلة لجانها الأمنية في جنوب القطاع وتكليف كوادرها الميدانية بملاحقة تحركات هذه الوحدة ومصادر دعمها.

في ظل انعدام أي توافق سياسي أو وطني على رؤية مشتركة لإدارة غزة، وتنامي ظاهرة الجماعات المسلحة، فإن التحدي الأكبر لحماس خلال الفترة المقبلة لن يكون فقط صد هجمات إسرائيلية، بل منع تقويض نفوذها الداخلي من خلال كيانات مثل “أبو شباب”، وهو ما تعتبره الحركة تهديدا وجوديا لا يقل خطورة عن أي حرب مفتوحة.

حماس تعلم يقينا أن هجومها على مجموعات أبو شباب في التهدئة المرتقبة عبر مجموعاتها لن يفيد بعد الآن فقد بات لديه قوة هجومية وليس فقط دفاعية، ما يعني أن التعامل مع حالة ياسر تختلف عن الحل الأمني الذي اعتادته حماس.

إن حالة ياسر هي تجربة قصيرة المدى لكنها لن تنتهي عند هذا الحد، وما يجب أن يخيف حماس هو الحالات القادمة التي ستبني على تجربة وأخطاء ياسر، وما يجب أن يخيف إسرائيل التي تقف خلف ياسر هو انفلات عقاله بعد التمدد غير المحسوب، وخصوصا وأنه يقف على الحدود مع مصر التي تخشى من عودة داعش والمسلحين على حدودها.

الحل أمام حماس وياسر سهل جدا، وهو تمكين الحكومة الفلسطينية التابعة للسلطة الشرعية من استلام زمام الأمور بقطاع غزة، واستدعاء الشرطة التابعة للسلطة لضبط الأمن وتسليم حماس السلاح للشرطة وسيكون من الصعب على إسرائيل قصفها، على حركة فتح أن تأخذ زمام المبادرة وعلى حركة حماس أن تدرك أن الزمن لا يعود للوراء والبلاد في مأزق خطير بات ينتج أخطر الظواهر، لعل أبو شباب إحداها.