لا يبدو “العربي الجديد” الذي جاء به مفكر اللحظة المريضة الراهنة، قادر على اجتراح أي شيء يناسب اسمه، فليس ثمة ما هو جديد في كل ما يطرح، بل هو لا يسعى لغير استنساخ ما كان من عمليات كي الوعي الجمعي، لشعوب الأمة العربية، حتى تصبح قطيعا في سوق التجارة الحرة، وحيث لا شيء سوى السلعة، بثقافتها الاستهلاكية المنحطة، فلا قيم ولا مفاهيم وطنية، أو قومية، ولا حتى قيم عقائدية من أي نوع كانت، حتى “الإبراهيمية” التي لا يراد أن تعبد فيها، غير السياسات الغربية الاستحواذية، وفي هذا السياق، يذهب هذا “العربي الجديد” في إطار سعيه هذا، لاستنساخ محاولات خلق البدائل عن منظمة التحرير الفلسطينية، ليس لأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وحامية مشروعه الوطني التحرري، ومن أجل تدمير هذا المشروع فقط، بل ولأنها أساسا في واقع اللحظة المريضة الراهنة، قلعة من قلاع العربي الأصيل، الرافض للذل، والهوان، والخنوع لمشروع الحركة الصهيونية الاستراتيجي، والمهزلة أن هذا الذي يزعم الجدة والتجديد، يسعى في هذه الطريق، بأدوات وشخصيات، وتمويلات، سبق أن حاولت ذلك، وانتهت محاولاتها إلى مزبلة التاريخ.
الحقيقة أن “العربي الجديد” لا هو من العرب العاربة، ولا من المستعربة، ولا من العرب البائدة..!!! مسخ يحاول حداثة انهزامية مدفوعة الأجر، وكل مسخ المحول من صورة قبيحة، إلى أخرى أقبح منها، يظل مأخوذا بوهم الحداثة بأنها من مساحيق التجميل، التي يمكن لها أن تسوق صورته القبيحة، وكل مسخ يظل جبانا، بل وكما قالت العرب قديما يظل “أجبن من صافر” والصافر كما في كتب التراث، هو “طائر جبان أحمق ينام وهو يصفر” …!!
ولأن المسخ على هذا القدر من الجبن يتوهم صافرا أن حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة ضد فلسطين، شعبا، وقضية، ومشروعا تحرريا، يمكن أن تجعله قويا كفاية، ليتوغل في محاولته خلق البديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى نحو منحط متاجرا بدماء الضحايا من أبناء شعبنا الشهداء والجرحى.
جرت في طريق الباطل هذه، قبل هذا اليوم، خطوات كثيرة، وطريق الباطل لطالما تظل بنهاية باطلة، ومنظمة التحرير الفلسطينية، شبت عن الطوق منذ زمن بعيد، منذ أن باتت صانعة القرار الوطني المستقل، برقمه الصعب، العصي على التجاوز والمحو والتغيير، وما تحقق ذلك إلا بالتضحيات العظيمة، في معارك صعبة تعددت ساحاتها، وتنوعت هوياتها، حتى باتت بيت الشرعية بالكل الوطني الفلسطيني، وقد جاءت بمقعد الدولة، أيا كان توصيفه، في الأمم المتحدة، بل وبالدولة التي أضحت تعلو راياتها تباعا، باعترافات الدول فيها، فلا ارتهان ولا تبعية، ولا بأي حال من الأحوال، لهذا إلى هزيمة أكيدة محاولة هذا المسخ الذي يدعي عروبة، لا محل لها من الإعراب، في كل ما يفعل، وما يقول ..!!