أزمة التقاعد تفتك بقدامى المحاربين في لبنان

السياسي -وكالات

تناول عدنان ناصر، محلل مستقل للسياسة الخارجية وصحفي متخصص في شؤون الشرق الأوسط، الأوضاع الصعبة التي يعيشها المحاربون القدامى في لبنان.

وقال ناصر في تقرير بموقع مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية: حاول قدامى المحاربين اللبنانيين في القوات المسلحة من مختلف الفروع إيصال أصواتهم المطالِبة بتقاعد كريم منذ انزلاق البلاد في أزمتها الاقتصادية. وتجمع قدامى المحاربين في قوى الأمن الداخلي حول مبنى السراي الكبير اللبناني ومنزل رئيس الوزراء نجيب ميقاتي للتعبير عن شكواهم ضد الحكومة التي يعتقدون أنها تخلت عنهم.

محاولة انقلاب

كان من المفترض أن يناقش مجلس الوزراء ميزانية عام 2025، لكن المظاهرات أجبرت الحكومة على تأجيل الجلسة. في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، رد رئيس الوزراء على انتقادات العسكريين المتقاعدين، واتهمهم في بيان بمحاولة الانقلاب.

 

ومساء، أشعل بعض المتظاهرين النار في الطرق بالقرب من منزل رئيس الوزراء الواقع في منطقة “زيتونة باي” الفاخرة في بيروت، والتي تعد موطناً لبعض النخب والسياسيين الأثرياء في البلاد.

دوافع الاحتجاج

وتحدث رجلان متقاعدان من قوى الأمن الداخلي إلى موقع مجلة “ناشيونال إنترست” حول قرارهما بالاحتجاج، وقال أحدهما باللغة العربية: “أنا متقاعد من قوى الأمن الداخلي. قمنا بواجباتنا طوال خدمتي على أساس أنه عند التقاعد، ستلتزم الدولة بمسؤولياتها، وتوفر الرعاية الطبية والتعليم لأطفالنا، وضمان حياة كريمة لنا ولأسرنا. ومع ذلك، نعيش اليوم في فقر وبؤس. هل يمكنك أن تتخيل البقاء على قيد الحياة بمبلغ 250 دولاراً في الشهر؟ لم نكن نعتقد أبداً أنه سيصل بنا الحال إلى هذه الدرجة. كشفت الدولة، التي خدمناها ذات يوم، أنها تُدار من قِبَل العصابات والمافيا. لولا الجيش وقوى الأمن الداخلي، لما كانت هناك دولة على الإطلاق. حتى القضاء يجد دعمه من الجيش وزملائنا في الخدمة”.

 

 

ويرجع المحتجون جزءاً كبيراً من معاشهم التقاعدي المنخفض إلى الأزمة الاقتصادية في عام 2019، عندما فقدت الليرة اللبنانية معظم قيمتها مقابل الدولار الأمريكي. وحتى الآن، فشلت الحكومة في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لإعادة إشعال النمو الاقتصادي المستدام الذي من شأنه أن يمنح المواطنين قوة شرائية أكبر.
وأضاف الرجل نفسه لموقع المجلة الأمريكية بقوله إن الصمت ليس خياراً بينما هو وأحباؤه مثقلون بالمشاكل المالية، محذراً من أنه إذا لم تجد الحكومة حلاً عادلاً لهذه المعضلة الهائلة، فإن الوضع سوف يتفاقم.

مطالبة بالحقوق والعيش بكرامة

وتابع: “أرفض الصمت. لا يمكننا تلبية الاحتياجات الأساسية لعائلاتنا، وهذا أمر غير مقبول. التصعيد أمر لا مفر منه، بغض النظر عن الطريقة التي يختارون بها تصنيفنا، كميليشيات أو أي شيء آخر. سنصعد وندعو الناس للتضامن معنا. وأحث كل القطاعات، خاصة القطاع العام، على الانضمام إلينا. هدفنا ليس شل البلد كما يدعي مكتب الرئيس ميقاتي، بل المطالبة بحقوقنا. فليضعوا أنفسهم في مكاننا، هل يقبلون بهذا الوضع؟ الدولة التي من المفترض أن تحمي حقوق مواطنيها هي التي تأكل هذه الحقوق. الأمر أشبه بالأم التي تتخلى عن أطفالها. لكننا لن نلجأ إلى السرقة أو العنف. وبدلاً من الاستمتاع بتقاعدي، أعمل الآن من الصباح الباكر حتى المساء كحارس أمن، فقط لتأمين الضروريات”.
وتحدث المحارب المتقاعد الثاني عن كيفية تعامل الدولة مع مطالبهم الأساسية، قائلاً: “نطالب الدولة ووزراءها الفاسدين بالاستماع إلينا وإلى عائلاتنا وأطفالنا حتى نتمكن من العيش بكرامة. نحن الذين حميناهم أثناء الحرب، بينما كانوا يستمتعون بالحياة في مونتي كارلو وباريس وفرنسا. وعند عودتهم، صعدوا جميعاً على ظهورنا. ولا نخجل من القول إننا نقف ضد هذا النظام الفاشل، الذي حان الوقت لتغييره بعد الثلاثين عاماً الماضية”.
واختتم الكاتب تقريره بالقول إن “الكثير من الغضب والاستياء الذي نراه يذكرنا بأن لبنان يواجه حربين: واحدة بين إسرائيل وحزب الله وأخرى مع نفسه”.

شاهد أيضاً