السياسي – عادت عمليات الإنزال الجوي إلى قطاع غزة أمس، مع زعم الاحتلال عن هدنة مؤقتة لعدة ساعات، ألقيت خلالها كميات من المساعدات، سقط بعضها وفقا لمواقع فلسطينية في مناطق يسيطر عليها الاحتلال ويمنع الاقتراب منها، فضلا عن سرقة اللصوص بالقوة الكميات الأخرى الضئيلة التي سقطت.
وكانت حملة الإنزالات الجوية، التي نفذت قبل أشهر، على قطاع غزة، قبيل الهدنة المؤقتة التي انقلب عليها الاحتلال، واجهت فشلا كبيرا، وتسبب في أسوأ أحوالها في استشهاد العديد من سكان غزة، سواء بسقوطها عليهم بشكل مباشر، أو خلال الفوضى التي تخلقها، عند الهجوم عليها من قبل المجوعين، واستشهاد بعضهم خلال التدافع فضلا عن الإصابات.
ونستعرض في التقرير التالي، 10 أسباب تجعل الإنزالات الجوية على قطاع غزة، عملية غير مجدية، لمنع التجويع الوحشي الذي يقوم به الاحتلال، علما بأن عمليات الإنزال لا تتم دون تصريح من الاحتلال للطائرات المنفذة.
-كميات ضيئلة
الطائرات التي تنفذ عمليات الإنزال الجوي، لا يمكنها في أفضل الأحوال مهما بلغ حجمها، من حمل الأوزان التي تحملها الشاحنات في البر، ولا يمكن توفير أسطول طائرات، يمكنه حمل أوزان تقترب مما تحمله الشاحنات من أجل إلقائها من الجو في ظل الحاجة إلى مئات الشاحنات بشكل يومي ومتدفق من الأغذية بكافة أنواعها والأدوية والماء الصالح للشرب، فضلا عن الوقود لتوليد الطاقة.
ولا يمكن لطائرة واحدة، إيصال أكثر من 10 بالمئة، من حمولة شاحنة واحدة، ففي الوقت الذي تحمل فيه الشاحنة نحو 80 طنا من المواد، الطائرة تحمل قرابة 8 أطنان فقط، وهو ما ينفي فعالية هذه الوسيلة لإغاثة الفلسطينيين بغزة.
-الكلفة العالية
وفقا لتقارير برنامج الغذاء العالمي، فإن كلفة إيصال المساعدات عبر الجو، أعلى بنحو 7 مرات، من عمليات النقل البري، خاصة وأن الموارد محدود، ولا يمكن للمنظمات تحمل كلفة تجهيز الطائرات بالوقود واستئجارها من الدول، ودفع ثمن المظلات.
وبحسب المنظمات، فإن نسبة كبيرة كلفة عملية الإنزال، تذهب للتجهيزات اللوجستية الخاصة بالعملية، في حين النسبة الأقل من الكلفة هي للمواد التي ستلقى وكميتها قليلة.
-الخطورة على المدنيين
عملية الإنزال الجوي، فوق المناطق المأهولة تعد مسألة خطيرة، لاحتمالية تسببها بالأذى للسكان، وفي حالة غزة، فإن انتشار خيام النازحين، تزيد من درجة الخطورة في إلقاء المواد من السماء، لارتفاع نسبة وقوع شهداء وإصاباتها بفعلها خاصة إذا لم تفتح المظلات لحظة الإنزال وهوت بسرعتها الهائلة على رؤوس الناس.
ووثقت الكثير من حالات استشهاد الفلسطينيين، في عمليات الإنزال الجوي، قبل الهدنة المؤقتة، فضلا عن تمزق محتويات بعض الكراتين وسقوطها على رؤوس منتظري المساعدات.
وفي حالات الإنزال في الظروف الطبيعية، بعيدا عن واقع غزة، يجري اختيار منطقة مفتوحة، تلقى المساعدات فوقها، لتجنب أي حوادث غير مرغوبة، وهو ما لا يتوفر في حالة غزة.
-إذلال السكان
يستهدف الاحتلال من عمليات الإنزال الجوي، ما يعرف بهندسة الفوضى، وإذلال السكان، وإدامة حالة الجوع، ويوفر لفئة معينة يريدها الاستفادة منها، وهي فئة اللصوص وقطاع الطرق.
ووثقت التقارير خلال حملة الإنزال الأولى، حدوث فوضى عارمة في ملاحقة مظلات المساعدات لحظة سقوطها، وهجوم المئات عليها في وقت واحد، بطريقة لا تحفظ كرامتهم في الحصول على الغذاء، والفئة الوحيدة التي تمكنت من انتزاعها هم اللصوص، عبر التهديد بالأسلحة البيضاء لكل من يقترب من المظلات، وسلبها وبيعها في السوق السوداء.
ووصل الأمر باللصوص في عمليات الإنزال الأولى إلى القتل لمن يحاول الاقتراب من مظلات المساعدات.
-عشوائية التوزيع
بحسب تقارير لـ”ذا هيوميانيتيريان”، و”وركر وورلد”، فإن المساعدات تلقى بعشوائية، ولا تمر بإدارة مركزية، أو عملية توزيع ميدانية، لضمان العدالة في توزيعها، ومن يملك القوة عبر تشكيلات العصابات يسيطر عليها ويتحكم بها في حين يحرم الضعفاء منها.
ويرفض الاحتلال اشتراك أي مؤسسات ومنظمات دولية، موثوقة وتمتلك قاعدة بيانات للسكان، في عملية توزيع المساعدات أو إدارتها، لرغبته في إدامة التجويع لإخضاع السكان.
-لا تصل للأماكن الأكثر حاجة
علاوة على الكميات الضئيلة التي تلقى من الطائرات، تسقط الكثير من المظلات في أماكن إما ساحلية، أو في عرض البحر، الذي يقتل الاحتلال كان من يقترب منه، فضلا عن نزولها في مناطق المستوطنات والقواعد العسكرية المحيطة بغزة كما وثقت العديد من التقارير ما جرى في الإنزالات الأولى.
كما تتسبب الرياح في عمليات الإسقاط الحر للمظلات، وهي الأقل كلفة، رغم ارتفاعها بالأساس، في عجز وصولها إلى قلب المناطق المكتظة بالسكان، شمال القطاع، ووسطه وحتى في منطقة المواصي التي حشر السكان بها بفعل عمليات الإخلاء التي يقوم بها جيش الاحتلال على الشريط الساحلي.
ولا تستخدم الجهات التي تلقي المساعدات بالمظلات أجهزة التوجيه المرتبطة بنظام الملاحة العالمي، بسبب الكلفة الكبيرة لهذه الأجهزة، والتي تستخدم في المهام الخاصة للجيوش وفي حالات محددة.
-التضليل الإعلامي
تنتقد الكثير من المنظمات الحقوقية والتقارير الصحفية، مثل هيومن رايتس ووتش، عمليات الإنزال الجوي، باعتبارها محاولات للابتعاد عن الضغط السياسي على الاحتلال، لإجباره على إدخال المساعدات الكافية برا.
وترى أنها عمليات استعراضية أكثر منها مساهمة فاعلة وذات جدوى في تبديد التجويع الذي يتعرض له السكان بغزة، ويكشف عن تقاعس المجتمع الدولي في كسر الحصار عن الفلسطينيين، وخلق انطباع مزيف للاستجابة حول الكارثة التي تجري على الأرض.
-التهرب من المسائلة
قالت العديد من المنظمات الحقوقية، إن عمليات الإنزال الجوي، تسهل على الكثير من الدول الغربية المؤيدة للاحتلال، التهرب من المسؤولية القانونية والأخلاقية، تجاه المجازر والتجويع الجاري على الأرض.
وترى أنها بدلا من ممارسة واجبها في الضغط على الاحتلال، للالتزام بالقانون الدولي، تلجأ إلى دعم هذ الأسلوب، كبديل رمزي لإعفائها من تبعات التجويع، وإسكات المنظمات الحقوقية عن المطالبة باتخاذ خطوات ضد الاحتلال.
ووفقا لمعهد واشنطن فإن الإفراط في استخدام هذا الأسلوب دون نتائج حقيقية، يخلق وهما إنسانيا، يسمح للجهات الدولية بتفادي الحزم مع الطرف المعرقل للمساعدات وتتحول إلى أداة دعائية بدل إنقاذ الأرواح.
-شرعنة التجويع:
توفر عمليات الإنزال الجوي، ذريعة للاحتلال، للقول إن أعمال الإغاثة تجري دون أي مشكلات، رغم أن الكميات التي تلقى من الطائرات في أفضل الأحوال لا تعد قطرة في بحر التجويع الممارس بحق الفلسطينيين، وهو ما صدر على لسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حين قال أمس، إن المساعدات تقدم ولا أريد أن أسمع عن ذرائع بعد الآن.
ويساعد الأمر الاحتلال الترويج لأعمال الإنزال وتجنب الضغوط لإدخال المواد برا،والتي يمارس أقصى درجات الرفض لإدخالها عبر المعابر وبواسطة الشاحنات لمزيد من تجويع السكان.
-معارضة المنظمات الإنسانية الواسعة
تعتبر الإنزالات الجوية غير جدوى بسبب حجم المعارضة الواسعة لها من قبل المنظمات الإغاثية الدولية، التي تؤكد أنها غير فعالية في مواجهة التجويع الذي يتعرض له الفلسطينيون.
وحذرت منظمات كبرى مثل برنامج الغذائي العالمي، ووكالة الأونروا، من أن الإنزالات الجوية غير مناسبة، ولا يوجد لها نقاط توزيع كما يوجد للشاحنات أو المواد البرية، وهو ما لا يمكن تحقيقه عبر الإلقاء من الجو.