السياسي – منذ 629 يوماً وجيش الاحتلال الإسرائيلي يقود الحرب في غزة. 1905 جنود ومدنيين قتلوا في هجمة 7 أكتوبر وفي أثناء الحرب. 50 مدنياً وجندياً اسرى في أيدي حماس. حان الوقت لتوجيه نظرة مباشرة والقول بصوت عال: إدارة الحرب في غزة فشل مدوٍ لحكومة إسرائيل ورئيسها نتنياهو.
إسرائيل لا تنتصر في غزة، بل تغرق في الوحل. إسرائيل سجلت إنجازات عسكرية في إيران وسوريا ولبنان، وانتصرت بشكل واضح قاطع وجلي، أما في غزة فلا. ليس لإسرائيل أهداف واضحة للحرب في غزة. “ممارسة الضغط على حماس لتحرير المخطوفين” هذا ليس هدف حرب، بل أمنية.
المستوى السياسي برئاسة نتنياهو يجب أن يقف أمام المستوى العسكري، وأمام الجمهور، ويحدد هدف القتال في غزة. بعد 629 يوماً، بعد 1905 قتيل ومغدور، وهو مطالب بإعلان ما الذي يريد تحقيقه – احتلال غزة؟ تغيير حكم حماس وجلب السلطة الفلسطينية بدلاً منها؟ إقامة حكم عسكري؟ ضم غزة إلى إسرائيل وإقامة مستوطنات في خان يونس ورفح وجباليا؟ أم تحرير الاسرى فقط؟
يدفع جيش الاحتلال الإسرائيلي ثمناً باهظاً في الأيام الأخيرة. 20 جندياً قتلوا منذ بداية هذا الشهر في غزة. 20 عائلة تفككت ولن يعرفوا ما هو “النصر المطلق”، الشعار الذي حاول رئيس الوزراء أن يبيعه لنا في كانون الثاني 2024. واليوم اتضح أنه شعار بلا أساس في الواقع؛ شعار كاذب.
جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يصل جاهزاً إلى المعركة في غزة. فقد فوجئ في 7 أكتوبر. كما أنه لم يكن جاهزاً لحرب طويلة من سنتين. لم يكن جاهزاً لقدرات حماس، ولنطاق الأنفاق والتحصينات التحت أرضية وصمود السكان المؤيدين لها في غزة. لقد احتل جيش الاحتلال الإسرائيلي أجزاء من غزة عدة مرات حتى الآن: نقاتل للمرة الرابعة في جباليا، ونحتل خان يونس للمرة الثانية، ونطهر رفح للمرة الثالثة حتى الآن.
لقد استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة خمس فرق. أما الآن، بسبب الحرب مع إيران، فتقلصت إلى أربع. بعد أيام سيصل إلى غزة جنود احتياط لجولة رابعة أو خامسة من القتال. يوجد مقاتلون نظاميون ما إن ينهوا تأهيلهم كمقاتلين حتى يجدوا أنفسهم في قتال متواصل لأشهر على أشهر، فقط في غزة. بدون تدريبات، بدون نشاط عملياتي آخر في خطوط عملياتية أقل. ينبغي أن نضيف إلى هذا تآكل عتاد الجيش الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك، ثمة نقص خطير في الوحدات وفي الجنود.
قصة قتل مقاتلي الهندسة القتالية في خان يونس تجسد الوضع. جيش الاحتلال الإسرائيلي ينقصه كتيبتا هندسة قتالية. على مدى سنوات، اعتقدت هيئة أركان الجيش بأنه لا حاجة لوحدات مدرعات وهندسة في ميدان القتال المستقبلي، وأن إنتاج دبابة “ماركفاة” أو “مجنزرة نمر” باهظ جداً. أما الآن، فيكتشفون العكس تماماً. فالعاملون في غزة اليوم هم مقاتلو الهندسة القتالية والمدرعات؛ هم رأس الحربة.
أدركوا الآن أنه لم يكن للجنرالات أدنى فكرة عن كيف يخططون للمعركة على غزة. لقد كانوا عمياناً قبل 7 أكتوبر، واليوم يعانون من نقص الرؤية لواقع القتال في غزة. الحقيقة أن مقاتلي رأس الحربة يناورون في آليات هندسية قديمة أنتجت في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
يدور الحدث عن دبابة “سنتريون” القديمة التي قاتل بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حرب السويس وفي حرب الأيام الستة. في الثمانينيات من القرن الماضي، نزعوا عنها تاجها وجعلوها مجنزرة لمقاتلي الهندسة. غير أن هذه الآلية لم تعد تتناسب وتحديات القتال الحالي.
أمس، اتحد الجميع حول الألم على سقوط سبعة مقاتلين من أفضل أبناء شعب إسرائيل. على الجمهور أن يطالب بتفسيرات من المستوى العسكري والسياسي عن إدارة الحرب في غزة، وعن أهداف الحرب بعد 629 يوماً من القتال، 1905 قتيلاً ومغدوراً، و50 مخطوفاً.
آفي أشكنازي
معاريف 26/6/2025