ألمانيا تعزز دفاعاتها بشراكة أمنية مع إسرائيل

السياسي – في خطوة تهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية والدفاعية لألمانيا في ظل التحديات الأمنية المتزايدة، كشف رئيس وزراء ولاية بافاريا، ماركوس زودر، عن رؤية شاملة لتطوير منظومة دفاعية متطورة تُحاكي “القبة الحديدية” الإسرائيلية. تشمل هذه الرؤية اقتناء مئات الدبابات الجديدة، وآلاف أنظمة “باتريوت”، ومئات الآلاف من الطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى تعزيز التعاون مع إسرائيل في مجال الدفاع الإلكتروني.
في الوقت نفسه، أثارت هذه الخطط جدلاً سياسيًا داخليًا، حيث يعارض تحالف “سارة فاغنكنشت” (BSW) زيادة الإنفاق العسكري، داعيًا إلى تعزيز حركة السلام.
وفقًا لتصريحات زودر لصحيفة “بيلد أم زونتاغ”، يسعى رئيس وزراء بافاريا إلى تحويل ألمانيا إلى قوة عسكرية قادرة على مواجهة التهديدات الحديثة. وأكد أن ألمانيا بحاجة إلى “درع واقٍ مزود بأسلحة دقيقة”، مشيرًا إلى ضرورة الاستفادة من الخبرات الإسرائيلية والأوكرانية في تطوير منظومة دفاعية مشابهة لـ”القبة الحديدية” الإسرائيلية. وتشمل مقترحاته:
اقتناء 300 دبابة قتالية جديدة و500 عربة مدرعة لتعزيز القدرات البرية، بالإضافة إلى تطوير جيش من الطائرات بدون طيار يضم 100,000 طائرة مسيرة لمواكبة التطورات في الحروب الحديثة.
تأمين 2000 صاروخ باتريوت و1000 صاروخ “توروس” لتعزيز الدفاع الجوي، وزيادة عدد مقاتلات يوروفايتر بـ35 طائرة إضافية.
إطلاق أقمار صناعية عسكرية خاصة بالبوندسفير لتعزيز القدرات في المجال الرقمي والفضائي.
وأشار زودر إلى أن “الحرية يُدافع عنها في الجو وفي الفضاء”، مؤكدًا أن ألمانيا بحاجة إلى هذه التجهيزات لمواجهة التهديدات المحتملة، خاصة في ظل التطورات المتسارعة في تكنولوجيا الحروب الرقمية. كما دعا إلى التعاون مع إسرائيل وأوكرانيا للاستفادة من خبراتهما في مواجهة الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة.

-ألمانيا تسعى لشراكة مع إسرائيل في الدفاع الإلكتروني
وأثار جوليان كيلتربورن، مدير التطوير في شركة “United Unmanned Systems” الألمانية- الأوكرانية، مخاوف بشأن تأخر ألمانيا في مواكبة التطورات في مجال الحروب الحديثة، خاصة في استخدام الطائرات بدون طيار. وأوضح أن دولاً مثل بريطانيا، فرنسا، الدنمارك، والولايات المتحدة قد بدأت بالفعل في الاستفادة من الخبرات الأوكرانية، بينما لم تستجب ألمانيا بعد لعروض مماثلة.
وأضاف كيلتربورن: “الطائرات بدون طيار أصبحت جزءًا أساسيًا من الحروب في دول مثل روسيا، الصين، إيران، وكوريا الشمالية، وهي تشكل خطرًا عسكريًا على الغرب. بدون اقتناء هذه الأنظمة، لن تمتلك قواتنا الخبرة اللازمة لمواجهتها”.
في سياق متصل، أعلن وزير الداخلية الألماني، ألكسندر دوبرينت، الأحد، عن خطط لتعزيز التعاون مع إسرائيل في مجال الدفاع الإلكتروني. وخلال زيارته لإسرائيل، التي بدأت يوم السبت، أكد دوبرينت أن ألمانيا تهدف إلى تأسيس مركز أبحاث إلكتروني مشترك مع إسرائيل، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين أجهزة المخابرات والأمن في البلدين.
ونقلت صحيفة “بيلد” عن دوبرينت قوله: “لا يكفي الدفاع العسكري وحده في هذا المنعطف الأمني، فمن الضروري إجراء تحديث كبير في الدفاع المدني لتعزيز قدراتنا الدفاعية الشاملة”.
وأوضح دوبرينت، الذي عيّنه المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس، الشهر الماضي، أن ألمانيا، بصفتها أحد أوثق حلفاء إسرائيل في أوروبا، تسعى للاستفادة من الخبرات الإسرائيلية في مواجهة التهديدات المتزايدة من روسيا والصين. كما حدد خطة من خمس نقاط تهدف إلى إنشاء “قبة إلكترونية” كجزء من إستراتيجية الدفاع الإلكتروني الألمانية، ما يعزز من قدرات البلاد في الحماية من الهجمات السيبرانية.

-معارضة سياسية داخلية
على الجانب السياسي، يواجه هذا التوجه العسكري معارضة قوية من تحالف “سارة فاغنكنشت” (BSW)، الذي قدم خلال اجتماع في برلين ورقة من ست نقاط تعارض زيادة الإنفاق العسكري. وأكدت الورقة التزام الحزب بمبادئ “حزب السلام”، مشيرة إلى دعمها لـ”مانيفستو” السياسيين في “الحزب الاشتراكي الديمقراطي” بقيادة رولف موتزنيخ، الذي دعا إلى إحياء حركة سلام قوية في ألمانيا.
واتهمت قيادة الحزب السياسة الخارجية الألمانية بـ”اتباع مصالح الولايات المتحدة بشكل أعمى”، داعية إلى سياسة “على قدم المساواة” مع روسيا.
كما عارض التحالف قرار قمة الناتو الأخيرة في لاهاي، والذي يلزم الدول الأعضاء بتخصيص 5% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع. وأشار الحزب إلى موقف إسبانيا، حيث يرفض رئيس الوزراء اليساري بيدرو سانشيز هذا الهدف، مؤكدًا أن بلاده قادرة على تلبية متطلبات الناتو بميزانية دفاعية تبلغ 2.1% من الناتج المحلي.
وردًا على ذلك، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات تجارية على إسبانيا.
يُشار إلى أن تحالف “سارة فاغنكنشت” قد فشل في الوصول إلى البرلمان الاتحادي، في فبراير الماضي، بحصوله على 4.981% من الأصوات، لكنه يراهن الآن على الانتخابات البلدية في شمال الراين-وستفاليا، هذا الخريف، بالإضافة إلى ثمانية انتخابات بلدية وإقليمية في عام 2026.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن شعبية الحزب تتراوح حاليًا بين 3 و4.5% على المستوى الوطني، فيما نشرت مجلة “شبيغل” الألمانية عن تزايد في القاعدة الشعبية للحزب عن طريق زيادة مطردة في أعداد المنتسبين، بالرغم من عدم نجاحه في دخول البرلمان، وهو ما قد يمهد لنجاح في الانتخابات المقبلة.
وبحسب “شبيغل”، تُظهر الخطط الألمانية لتعزيز القدرات العسكرية والدفاع الإلكتروني، بالتعاون مع إسرائيل، طموحًا كبيرًا لمواكبة التحديات الأمنية الحديثة. ومع ذلك، فإن هذه الخطوات تواجه تحديات داخلية وسياسية.