جاء صادماً لقطاع كبير من خبراء السياسة الأمريكية، استخدام الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة «الفيتو» في مجلس الأمن لمنع وقف إطلاق النار في غزة، وهو ما اعتبروه دعماً لحرب الإبادة.
وهو ما يُعد في نظر هؤلاء الخبراء، وكثير منهم مسؤولون سابقون في الحكومة الأمريكية، وأعضاء بارزون بالكونغرس، بأن هذا التصويت يُعد استمرار لمواقف من الدولة الأمريكية وآخرها استخدام بايدن للفيتو، مع أن هناك قوانين أمريكية صدرت لصالح وسمعة الدولة الأمريكية ذاتها، وأن تلك القوانين تفرض عقوبات صريحة على إسرائيل.
مسؤولون بوزارة الخارجية الأمريكية قالوا: إن خبراء بالوزارة وأعضاء بارزين بالكونغرس، بدأت تعلو أصواتهم بأن القوانين الأمريكية المشار إليها صدرت لصالح سمعة أمريكا ذاتها، وطبقاً لما أذيع نقلاً عن مسؤولين بالخارجية الأمريكية، فإن خبراء الوزارة سبق أن وضعوا في عام 1997 القانون الذي حمل اسم «قانون ليهي» وينص على تدخل الولايات المتحدة لإيقاف جيوش أية دولة أجنبية من استخدام أسلحة أمريكية في جرائم حرب، وهو ما تنص عليه صراحة قوانين أمريكية أخرى.
ويقول هؤلاء المسؤولون: إنه عندما بدا وكأن أمريكا ستنفذ هذا القانون، فإن إسرائيل استخدمت كعادتها من الوسائل التي تتحايل بها على تنفيذ هذا القانون، وبالتالي استمرار أمريكا في تزويدها بالسلاح تجميداً لقانون ليهي، وهو القانون الذي كان الكونغرس قد أقره والذي يحمل اسم السناتور باتريك ليهي، والذي تم تطبيقه ضد مخالفات دول حليفة مثل كولومبيا والمكسيك.
ويشير إلى ذلك صراحة تشارلز بلاهام المسؤول السابق بالخارجية الأمريكية بقوله: «إن العشرات من قوات الأمن الإسرائيلية قد ارتكبت انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وهو ما يلزم رئيس أمريكا بحرمانها من المساعدات العسكرية». وفي نفس التوقيت أعلن السناتور ليهى أنه قد تم إحاطة إسرائيل علماً بذلك.
وطبقاً لما ذكره موقع الأبحاث الأمريكي State Craft فإن إسرائيل لم يُطبَّق عليها طوال تاريخها قانون ليهي، والذي طُبَّق على حكومات أخرى في العالم.
أيضاً يقول عضو الكونغرس تيم رايزر: إن إسرائيل مثلها مثل أية دولة أخرى، يمكن وفقاً للقوانين الأمريكية تقديم ضباط من جيشها للمحاكمة لارتكابهم جرائم ضد حقوق الإنسان، وهو ما لم يحدث، وإن الممارسات الأمريكية خلال الفترة السابقة أضاعت فرصاً كانت متاحة لفرض عقوبات قانونية على تصدير السلاح لإسرائيل.
وكان السناتور د. ويلش وعدد من زملائه قد وضعوا معايير تحكم عملية تسليم السلاح لإسرائيل والضغط على الحكومة الأمريكية لتطبيقه، لكنهم وجدوا عدم الاهتمام بذلك من حكومتهم.
كما طالب البعض من أعضاء الكونغرس –حتى ولو كانوا قلة– الحكومة بتزويدهم بتقرير عن وقف المساعدات العسكرية لجيش إسرائيل، احتراماً للقوانين الأمريكية، وأن تقدم الحكومة تقريراً للكونغرس عن سلوك إسرائيل في حرب غزة.
كذلك قدم النائب تيم برايزر للكونغرس مشروع قانون يسجل فيه اتهام وحدات بالجيش الإسرائيلي بانتهاك قوانين الدولة الأمريكية.
وفي نفس الوقت فإن كلاً من النائب ماتيو شبرد، وجيمس بايرد قدم مشروع قانون لمعاقبة إسرائيل على جرائم الكراهية والتمييز العنصري، التي صارت جزءاً رئيسياً من سياسة حكومة إسرائيل، ويستند في ذلك إلى وجود قانون أمريكي يجرم هذه الممارسات ضد الفلسطينيين.
وفي تقرير أمريكي لمركز بحوث المعلومات قال: إن جرائم الحرب الإسرائيلية تمثل انتهاكاً للقانون الجنائي الدولي، بما ف ذلك جرائم حرب الإبادة والحرب ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل منذ عام 1948.
ويقول هذا الموقع: إن إسرائيل سبق أن وافقت على اتفاقية جنيف لعام 1951، التي تحرِّم ارتكاب الجرائم في الأراضي المحتلة، وهو ما خالفته بما ارتكبته في جميع حروبها مع الدول العربية، وانتهاكاتها من أرض فلسطين إلى لبنان.
ثم تأتي حكومة جو بايدن الآن لتقول: إن إسرائيل لم ترتكب جرائم حرب، وهو ما دفع نيكولوس كريستوف الكاتب البارز بصحيفة «نيويورك تايمز» ليصف هذا الموقف بأنه يتيح لنتنياهو إهانة واشنطن وقوانينها.
وقال: إن هذا السلوك الإسرائيلي كان يلزم أمريكا بتعليق مساعداتها العسكرية لإسرائيل، وهو ما اتفقت عليه أعداد متزايدة من المسؤولين بوزارة الخارجية.
في مواجهة هذه الأصوات المتعالية فإنه الحكومة كانت تمارس المغالطات، مثل خروج فيدانت باتيل، نائبة المتحدث بالخارجية الأمريكية، في مغالطة مستفزة للصحفيين، ولتقول: إن إسرائيل لم تمنع وصول المساعدات الإنسانية عن غزة، وبالتالي فهي لم تنتهك القانون الأمريكي!!
هذه القضية المطروحة الآن للنقاش في الولايات المتحدة، بدأت تجد صدى لدى قطاعات واسعة من الرأي العام، التي يصدم هذا السلوك مشاعرها تجاه وطنها، وأن تحدث هذه الانتهاكات لقوانين بلدها، على يد حكومتهم ذاتها، وهو ما يشهد عليه أداء جو بايدن في الفترة الأخيرة، وآخره «الفيتو» الرافض لوقف إطلاق النار، وبالتالي لحرب الإبادة.
عن الحليج