السياسي -متابعات
بالنسبة لعديد من النساء يُعدّ المكياج طويل الأمد راحةً مرحباً بها، مثل الماسكارا المقاومة للماء والتي لا تسيل، أو كريم الأساس الثابت. ومع ذلك، فإنّ سبب التصاق العديد من هذه المنتجات بقوة بالجلد هو ما يُسمى “المواد الكيميائية الدائمة” المعروفة باسم PFAS، والتي تثير مخاوف صحية متعددة.
تنتمي هذه المواد الكيميائية الدائمة (مواد بيرفلورو ألكيل وبوليفلورو ألكيل) إلى عائلة من 10 آلاف مادة كيميائية من صنع الإنسان، مُصممة لإنتاج أسطح ناعمة، ولامعة، ومقاومة للماء.
ولكن، بحسب “دايلي ميل”، تتزايد المخاوف من ارتباط هذه المواد الكيميائية باضطرابات الهرمونات، وضعف جهاز المناعة، وحتى بعض أنواع السرطان.
حظر فرنسي في جميع مستحضرات التجميل
والآن، ستصبح فرنسا أول دولة تحظر هذه المواد الكيميائية الدائمة PFAS من جميع مستحضرات التجميل والمنسوجات والمنتجات الشمعية، اعتباراً من يناير (كانون الأول) المقبل.
وفي بريطانيا، أكملت الهيئة التنفيذية للصحة والسلامة مراجعة لهذه المواد في عام 2023، لكن الوزراء لم يُقرروا بعد ما إذا كانوا سيحظرونها أو يُقيدونها، وفق إجابة على سؤال برلماني في مايو (آيار) الماضي.
وتوجد هذه المواد الكيميائية في كل مكان تقريباً، من ماء الصنبور إلى غبار المنزل، وفي دم كل إنسان، كما أفاد برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.

وتتمتع هذه المواد الكيميائية بسمات تكاد تكون غير قابلة للتدمير، ما يعني أنها قد تستغرق قروناً لتتحلل وتختفي – ومن هنا جاء اسم “المواد الكيميائية الدائمة”.
الهرمونات والمناعة
وتلتصق جزيئات هذه المواد بالبروتينات في الدم، حيث يمكن أن تتداخل مع الهرمونات والجهاز المناعي.
مثلاً، من بين هذه المواد شائعة الاستخدام في مستحضرات التجميل مادة PTFE، التي تُضفي ملمساً حريرياً وتساعدها على الالتصاق بالرموش أو البشرة للحصول على لمسة نهائية مثالية ومقاومة للماء.
وتقول الدكتورة ميريام دايموند، الكيميائية البيئية بجامعة تورنتو في كندا، والتي أعدت دراسة رئيسية أشارت إلى وجود المواد الكيميائية الدائمة في أكثر من نصف مستحضرات التجميل المختبرة: “تتميز PFAS بثباتها العالي، وهناك أدلة قوية على سمية العديد منها”.
جلد الجفن الرقيق
وتضيف: “إذا دخلت هذه المواد إلى العين، فإن القناة الدمعية تُعدّ طريقاً فعالًا للغاية إلى الجسم. جلد الجفن رقيق ونفاذ. وعندما يتعلق الأمر بأحمر الشفاه، يمكن للمرأة أن تبتلع بسهولة عدة أرطال من أحمر الشفاه طوال حياتها”.

وقد أفادت دراسة حديثة عن هذه المواد بأنها “تخترق الجلد وتدخل مجرى الدم، خاصةً من المنتجات التي تُوضع بشكل متكرر على الجلد الرقيق (مثل بشرة كبار السن) أو الجلد المتضرر بسبب حالات مثل الأكزيما أو التعرض لأشعة الشمس أو المقشرات”.
وعن ذلك تحذر الدكتورة دايموند من أن هذا الأمر مهم لأن بعضاً من أقوى الأدلة البشرية يربط التعرض لهذه المواد بضعف جهاز المناعة.
وتوضح: “يُظهر الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من هذه المواد في دمائهم استجابات أضعف للقاح كوفيد مثلاً، وإنتاجاً أقل للأجسام المناعية المضادة” وفق دراسة أجريت عام 2023.
السكري
وتضيف الدكتورة دايموند: “تُظهر دراسات أخرى تغيرات في استقلاب الدهون والسكريات تزيد من خطر الإصابة بالسكري”.
وقد وجدت دراسة أجريت عام 2022 أن من لديهم مستويات أعلى من مواد PFAS في دمائهم كانوا أكثر عرضة للإصابة بمقاومة الأنسولين، والسكري من النوع 2.
وتنصح الدكتورة دايموند قائلةً: “الحكمة هي التوقف عن استخدام مواد PFAS في مستحضرات التجميل لأنها غير ضرورية”.

وتتوفر المواد الكيميائية الدائمة بأشكال عديدة، ولكن معظمها ينقسم إلى مجموعتين: سلسلة طويلة وسلسلة قصيرة.
مخاطر الأنواع الأحدث
وقد حُظرت الأنواع القديمة طويلة السلسلة – مثل PFOA وPFOS – في عديد من الدول، بما في ذلك المملكة المتحدة، بعد ارتباطها بالسرطان ومشاكل صحية أخرى.
استُبدلت هذه المواد إلى حد كبير في السلع الاستهلاكية، بما في ذلك مستحضرات التجميل، بمركبات PFAS قصيرة السلسلة، والتي يُعتقد أنها تتحلل بسرعة أكبر في البيئة.
لكن العلماء يحذرون الآن من أن هذه النسخ الأحدث – بما في ذلك تلك الموجودة في بعض مستحضرات التجميل – قد تنتقل لمسافات أبعد عبر الجسم لأنها جزيئات أصغر، وتثبت أنها ضارة بنفس القدر، إن لم تكن أكثر، على المدى الطويل.








