(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)
صدق الله العظيم.
لقد فاجعني أنا وكل من عرف هذه الأخت الفاضلة والمناضلة سلوى الحوت، أخت لكل من عرفها في مكتب الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات، وكل من شارك في صفوف الثورة الفلسطينية – شاركت المقاتلين والقيادات الفلسطينية ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني الفلسطيني، حيث كانت ضمن الأخوات في المجلس الوطني.
ولكن عملها الوطني، وليس الوظيفي، في الصندوق القومي الفلسطيني، حملها مسؤولية كبيرة في أهم وأبرز مؤسسة بمنظمة التحرير: الصندوق القومي، فقد كانت الأمنية بل والمؤتمنة على المال العام.
لذلك، رغم تجاوزها السن القانوني، ولكن وجودها ضرورة وطنية بامتياز، لما تمتعت به من حرص وتدقيق في الصرف وأوجه الصرف، رغم حاجتها للراحة المنزلية، ولكن كانت سيدة معطاءة – لم تبحث عن مال ولا عن جاه، بل كانت أمنية بكل ما تعني الكلمة، ولم تقبل بأن تجامل أي كان على حساب المال العام، بل في كثير من الأحيان تساعد من يحتاج من حسابها الخاص.
سلوى الحوت، مكتبة صغير الحجم من حيث المساحة، ولكن يتسع الجميع، بل كان ملتقى وطنياً لكل القيادات والكوادر من مختلف الفصائل الفلسطينية والشخصيات المستقلة، وكانت كلماتها مثل الرصاص، لا تخشى في قول الحق لومة لائم.
هذه السيدة والأخت المناضلة سلوى الحوت، أيقونة وشعلة من النضال، رحلت وهي تعتصر ألماً على أهلنا بقطاع غزة، وتزرف دموعها وهي تشاهد الدمار والإبادة الجماعية بقطاع غزة، ومع كل ذلك لم تتزعزع الثوابت الوطنية لدى سلوى، بل كانت مؤمنة بشكل قاطع في القيم النضالية وفي مختلف أشكال المقاومة، ولم تؤمن في إمكانية حل الصراع مع الكيان الصهيوني خارج إطار المقاومة.
نعم، هي ابنة النكبة، وهي عشقت النضال كونها شاهدة على نكبة، ومن عائلة مناضلة، إلى جانب أخيها القائد الفلسطيني المرحوم شفيق الحوت، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي كان من قائمة الجيل المؤسس إلى جانب المرحوم أحمد الشقيري، مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية.
واليوم، برحيل سلوى الحوت، والذي يصادف مرور 52 عاماً على عملية اغتيال الشهداء الثلاثة: كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار، عملية فردان في العاصمة اللبنانية بيروت على يد المخابرات الإسرائيلية (الموساد)،
رحلة دادا سلوى، كما يتحدث معها أبناؤها وبناتها في الصندوق القومي، وتلتحق مع زميلاتها المناضلات: سلوى أبو خضرة، وعصام عبد الهادي، ودلال المغربي، وقائمة كبيرة ممن رحلوا إلى جوار ربهم في الفردوس الأعلى من الجنة بإذن الله تعالى –
إننا نودّع الأخت الكريمة سلوى، ولكن مكانتك وسيرتك ستبقى فينا.