بالرغم من محدودية مساحته وأنه جزء من فلسطين التاريخية ويتبع لولاية السلطة ودولة فلسطين وحاضنة لثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة …إلا أن قطاع غزة تحول لأكثر مناطق العالم جذباً واستقطاباً للاهتمام الدولي وكأنه نيزك نزل من السماء.
تتعدد بشانه الأجندة والمشاريع ،ما بين عدو مجرم قام بحرب إبادة وتطهير عرقي لتدميره وقتل سكانه والتهديد بإعادة احتلاله واستيطانه، ومساع إيرانية لجذبه لمحورها الشيعي الفارسي لخدمة أجندتها في المنطقة ،وقبل إيران كانت وما زالت مساعي الإخوان المسلمين وعبر حركة حماس لتحويل القطاع كقاعدة لدولة خلافة إسلامية، وجاء ترامب أخيراً ليطرح مشروع أمريكي لتحويل القطاع لمنتجع أو ريفيرا ولكن ليس لصالح سكانه بل بدونهم وبعد تهجيرهم،وترد منظمة التحرير ومصر بمشروع معاكس لإدارة القطاع وإعادة إعماره دون تهجير سكانه،وفي نفس الوقت تصر حماس على الاستمرار في السلطة بل واستعدادها لمواصلة الحرب بالرغم مما لحق بها وبالقطاع من خسائر.
المثير للاستغراب والغضب أنه يتم التعامل مع أهالي غزة كحمولة زائدة أو وافدين جُدد وليسوا أهل البلاد المتجذرين فيها من آلاف السنيين ، فلم يتم استشارة أو أخذ رأيهم.
هؤلاء سكان البلاد الذين كانوا وما زالوا الحاضنة والحزء الأصيل في الثورة الفلسطينية المعاصرة وتهجيرهم من أرضهم إن حدث سيكون ضربة قاسية للحالة الثورية والنضالية في فلسطين المحتلة.
في معمعان كل ذلك تتخبط حركة حماس ومغ انها تتمسك بالسلطة وتتحدث عن الانتصار إلا أنها لا تطرح أي تصور او رؤية واقعية عقلانية لمستقبل القطاع مما يضعنا أمام ثلاث سيناريوهات أو فرضيات لسبب تمسكها بالبقاء في السلطة في القطاع:
الأولى: إن الحركة تؤمن بصحة نهجها بأنها حركة مقاومة اسلامية ووطنية وما تقوم به واجب وفرض ديني ووطني وما يسقط من ضحايا وخسائر مادية ما هو إلا ضريبة وثمن يجب دفعه، وهي تستشهد بتجارب من التاريخ الإسلامي أو تجارب حركات التحرر في العالم كالتجربة الجزائرية.
الفرضية الثانية: إن الحركة تشتغل خارج الإطار الوطني ولغير صالح فلسطين بل تعمل كجماعة اخوان مسلمين هدفها إنجاح سلطة ومشروع للجماعة ولو على حساب فلسطين وشعبها، ومن المعلوم أن جماعة الإخوان المسلمين لا تؤمن بفكرة الأوطان وبالدولة الوطنية، كما أن جزءاً من الحركة يعمل لصالح أجندة إيران، وهناك خلاف بين التيارين داخل الحركة.
الفرضية الثالثة: إن الحركة تعرف أن دورها الوظيفي انتهى بعد قيامها بعملية الطوفان الملتبسة وتعلم أنها فقدت كل أوراق القوة إلا ورقة الأسرى الاسرائيليين وهي ورقة تحولت ضد حماس وليس لصالحها وتوظفها إسرائيل وأمريكا لصالح استكمال الهدف الاسرائيلي الحقيقي من الحرب وهو التدمير والتهجير، وقيادة الحركة تعرف ذلك ولكنها تناور لإمكانية تحقيق أحد الأمرين:
١- أنه يمكن من خلال تقديم مزيدا من التنازلات لإسرائيل وواشنطن في موضوع الأسرى والهدنة ووقف الحرب في غزة والضفة حتى وإن أدى الأمر لتصفية القضية الوطنية، يمكن مقابل ذلك ضمان استمرارها بالسلطة في قطاع غزة حتى ضمن الشروط الإسرائيلية والأمريكية،وفتح واشنطن قناة تواصل وحوار معها في الدوحة يشجعها على هذه المراهنة.
٢- تسعى لاستسلام مُشرف من وجهة نظرها بحيث تحل محلها سلطة في غزة تضمن سلامة مقاتليها من الملاحقة وأمن قياداتها في الداخل والخارج وعدم مصادرة أو حجز أموال الحركة.
