السياسي -وكالات
أشار الكاتب السياسي جنان غانيش إلى غياب دور أوروبا عن النقاشات التي أطلقها نموذج الذكاء الاصطناعي “ديبسيك” هذا الأسبوع حول الصراع التكنولوجي بين واشنطن وبكين، رغم أن القارة الأوروبية تمتلك حصة مماثلة من الناتج الاقتصادي العالمي لكلا القوتين.
وكتب غانيش في صحيفة “فايننشال تايمز” في حين تحاول شركات مثل “ميسترال” إثبات وجودها في قطاع الذكاء الاصطناعي، يبدو أن دور أوروبا في هذا المجال بات أشبه بطفل يراقب والديه يتشاجران فوق رأسه. لكنه يتساءل: كيف وصلت القارة إلى هذا الوضع؟
أسباب التراجع
يرجع البعض ذلك إلى التشريعات الصارمة التي تعيق نمو الشركات، أو إلى السوق الموحدة التي لم تكتمل بعد، ما يقلل من قدرة نحو نصف مليار مستهلك أوروبي على إحداث تأثير عالمي. في المقابل، يرى آخرون أن المشكلة تكمن في غياب ثقافة ريادة الأعمال.
أياً كان السبب، يبدو أن أوروبا اختارت التنازل عن بعض الديناميكية الاقتصادية لصالح أولويات أخرى، وهو ما يجعلها عاجزة عن مجاراة الولايات المتحدة والصين في السباق التكنولوجي.
معضلة اليمين الأوروبي
حتى أباطرة وادي السيليكون، مثل إيلون ماسك، يواجهون صعوبة في فرض رؤيتهم الليبرالية على أوروبا، حيث أن القومية في القارة العجوز ترتبط بالأبوية، على عكس التجربة الأمريكية. فمن غير المتوقع مثلاً أن تتبنى زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، مارين لوبان، سياسات تقشفية كتلك التي اقترحها دونالد ترامب، خاصة أنها تدعم النقل العام المجاني للشباب.
حتى أكثر قادة اليمين الأوروبي ميلاً للسوق، مثل جورجيا ميلوني، أمضوا السنوات الأخيرة في توزيع أموال الاتحاد الأوروبي، ما يبرز التباين بين المحافظين الأوروبيين ونظرائهم الأمريكيين.
حدود التحالفات الشعبوية
رغم محاولات تشكيل تحالفات عابرة للأطلسي بين الشعبويين، إلا أن التناقضات الجوهرية بينهم تجعل من الصعب تحقيق ذلك، فبينما قد يسعى قادة مثل أوربان في المجر إلى تعزيز علاقاتهم بالصين، فإن اليمين الأمريكي المناهض لبكين لا يزال يحتفي به.
وهذا يكشف عن مدى اختلاف رؤية الشعبويين الأوروبيين للجغرافيا السياسية عن نظرائهم الأمريكيين، حيث تظل المصالح الوطنية المتضاربة عائقاً أمام أي “أممية قومية”.
خارج المنافسة
في ظل هذا المشهد، يبدو أن أوروبا ليست فقط خارج المنافسة التكنولوجية، بل إنها اختارت هذا الدور بوعي، مفضلةً الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي على حساب التنافسية العالمية. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيؤدي هذا النهج إلى حماية النموذج الأوروبي أم عزله عن مستقبل الاقتصاد العالمي؟