إبستين قاد حملة لإسكات دراسة حول اللوبي الإسرائيلي في أمريكا

السياسي – كشفت رسائل إلكترونية حديثة أن جيفري إبستين تحالف مع أستاذ القانون في جامعة هارفارد آلان ديرشوفيتز لشنّ حملة تشويه منسّقة ضد الباحثيْن البارزين جون ميرشايمر وستيفن وولت، عقب نشرهما دراستهما الشهيرة “لوبي إسرائيل والسياسة الخارجية الأمريكية” في عام 2006. وجاء ذلك في الوقت نفسه الذي كانا يعملان فيه على تشويه سمعة فتاة قاصر اتهمت إبستين بالاعتداء الجنسي.

الدراسة، التي نشرتها لاحقًا London Review of Books وتحوّلت إلى كتاب، قدّمت واحدًا من أكثر التحليلات صراحة حول حجم تأثير جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية (أيباك)، على صناعة القرار في واشنطن. ووصف الباحثان شبكة واسعة من المتبرّعين ومراكز الأبحاث وجماعات الضغط والمنظمات الدينية المؤيدة لإسرائيل التي دفعت بسياسات أمريكية «تنحرف عن المصلحة الوطنية» خصوصًا مع غزو العراق، وفقا لتقرير نشره ريان غريم ومرتضى حسين على منصة “درب سايت”.

وقبل نشر الورقة أصلًا، حاولت مجلة The Atlantic إلغاء المقال مقابل «رشوة قتل» قيمتها 10 آلاف دولار، وفق ما كشفه ميرشايمر لاحقًا. وبعد النشر، تعرّض الباحثان لهجوم غير مسبوق في الوسط الأكاديمي اتهمهما باللاسامية، فيما أصدرت رابطة مكافحة التشهير (ADL) بيانًا لاذعًا ضدهما، واضطرّت كلية كينيدي في هارفارد إلى إزالة شعارها من الورقة وإضافة تنصّل رسمي منها.

-إبستين… دور خفي في حملة التشويه
تكشف رسائل البريد الإلكتروني التي حصلت عليها منظمة Distributed Denial of Secrets أن إبستين لعب دورًا نشطًا خلف الكواليس، إذ راجع مسودات مبكرة لمقال هجومي كتبه ديرشوفيتز بعنوان «دحض أحدث — وأقدم — مؤامرة يهودية»، اتهم فيه الباحثَين بالاعتماد على «قمامة من مواقع نازية وإسلامية متطرّفة»، ووصف تحليلهما بأنه معادل حديث لـ«بروتوكولات حكماء صهيون». وردّ إبستين على المسودة بقوله: «رائع… مبروك”.

كما أظهرت الرسائل أن ديرشوفيتز طلب من إبستين توزيع المقال عبر شبكاته، فأجابه الأخير بأنه بدأ بالفعل.

ورغم عدم شغله منصبًا رسميًا في هارفارد، كان إبستين شخصية نافذة بفضل تبرعاته بملايين الدولارات وعلاقاته الوثيقة مع كبار الأكاديميين، وبينهم ديرشوفيتز ورئيس الجامعة آنذاك لاري سامرز. كما كان مقرّبًا من الملياردير ليزلي واكسنر الذي موّل برامج بحثية ومنحًا في كلية كينيدي.

اللافت أن الحملة التي قادها هؤلاء لتقويض ميرشايمر وولت جاءت لتؤكد جوهر ما قالته الورقة: نفوذ رجال أثرياء يستخدمون علاقاتهم وأموالهم لحماية إسرائيل، والتأثير في السياسات الأمريكية.

-استهداف الأكاديميين… وفتاة قاصر في الوقت نفسه
في الأسبوع نفسه من حملة الهجوم على وولت وميرشايمر، كان إبستين وديرشوفيتز يناقشان أيضًا كيفية تقويض مصداقية فتاة اتهمت إبستين بالاعتداء الجنسي في فلوريدا. فقد أرسل إبستين لمحاميه ديرشوفيتز معلومات “مسيئة” جمعها محقق خاص عن الضحية، بما في ذلك ادعاءات تتعلق بالتدخين والسرقة وحياتها الشخصية، أملًا في التأثير على المدعي العام.

وسعى إبستين، الذي عبّر في رسائل أخرى عن غضبه من استمرار التحقيق ضده، لترتيب لقاء مباشر مع الادعاء لتقديم ما وصفه بـ«أدلة نافية». وفي النهاية حصل على صفقة مخففة عام 2008 سمحت له بالإفلات من المحاكمة الفيدرالية وقضاء 13 شهرًا فقط في السجن مع امتياز الخروج للعمل.

واستمرت علاقته مع سامرز رغم إدانته، وفق وثائق حديثة من لجنة الرقابة في مجلس النواب تشير إلى رسائل متبادلة بينهما حتى عام 2019.

-الهجوم مستمر وآثاره طويلة
بعد تحويل الورقة إلى كتاب في 2007، واصل كتّاب وإعلاميون — بينهم جيفري غولدبرغ — اتهام وولت وميرشايمر باللاسامية، ما أدى إلى تراجع كبير في الدعوات الموجّهة إليهما من مؤسسات أكاديمية كانت تستضيفهما سابقًا، وفرض شروط على حضورهما تتضمّن «التوازن» عبر استضافة متحدّثين مؤيدين لإسرائيل.

وبحسب ميرشايمر، لم تفاجئه المعلومات الجديدة حول دور إبستين وديرشوفيتز لأن كليهما «يرتبط بشغف كبير بإسرائيل”.

ورغم استعادة البعض من أعمالهما بفضل انتشار المنصات الإعلامية المستقلة ويوتيوب، فإن الهجوم ترك أثرًا طويلًا على مناخ النقاش الأكاديمي حول نفوذ جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في واشنطن.