السياسي -متابعات
قضت محكمة التاج في ليفربول بسجن أم شابة بريطانية لمدة 28 شهراً، بعد إدانتها باختلاس مبلغ ضخم من المال من جهة عملها، وذلك لتمويل إنفاق مفرط على منصة التواصل الاجتماعي “تيك توك”، فيما وُصف بأنه حالة إدمان سلوكي تطورت بصورة لافتة.
وبدأت تفاصيل القضية عندما التحقت كاثرين غرينال، البالغة حالياً من العمر 29 عاماً، بشركة “New Reg Ltd”، المتخصصة في خدمات تسجيل السيارات ومقرها بلدة سانت هيلينز، في أبريل (نيسان) من عام 2021، كمديرة خدمات.
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2022، تمت ترقيتها إلى منصب مديرة حسابات، ما أتاح لها صلاحية كاملة للوصول إلى الحسابات البنكية الخاصة بالشركة.
ورغم أنها كانت تُوصف من قبل مسؤولي الشركة بأنها موظفة موثوقة ومنظمة، بل ورافقت نمو الشركة في مراحل مهمة، إلا أن هذه الثقة انقلبت إلى خيانة، بعد أن كشفت التحقيقات قيامها بتحويلات مالية غير مصرح بها إلى حساباتها الشخصية، بلغت في مجموعها 443.523 جنيهاً إسترلينياً عبر 121 عملية تحويل.
وأوضحت النيابة العامة أن غرينال استخدمت تلك الأموال في سداد نفقات معيشية متنوعة، من بينها مشتريات من متاجر، وحجوزات فنادق، ورحلات عائلية، وأتعاب قانونية، وفقاً لصحيفة “ميرور” البريطانية.
غير أن المفارقة الأبرز كانت في توجيه الجزء الأكبر من هذه الأموال، وتحديداً أكثر من 301 ألف جنيه إسترليني، لشراء رموز رقمية عبر تطبيق “تيك توك”، منحتها لمقدّمي المحتوى على المنصة، فكل رمز من هذه الرموز أو ما يُعرف شعبياً بـ”الهدايا”، يكون له سعر محدد يحصل تيك توك على جزء من ثمنه، بينما تذهب بقية الأموال لمن منحته إياه من منشئي المحتوى.
وتبيّن خلال المحاكمة أن سلوك غرينال المالي تغيّر بشكل واضح في عام 2023، إذ أجرت في تلك الفترة 53 عملية إيداع غير شرعي بلغ مجموعها أكثر من 57 ألف جنيه.
وتصاعدت وتيرة عملياتها الاحتيالية مع مطلع عام 2024، حيث قامت خلال شهري يناير (كانون الأول) وفبراير (شباط) فقط بإجراء 14 عملية تحويل إضافية، بلغت قيمتها نحو 23.833 جنيهاً إسترلينياً، قبل أن تبلغ ذروة نشاطها في أبريل (نيسان) من العام نفسه، حين حولت إلى حسابها الشخصي مبلغاً قدره 196.364 جنيهاً في شهر واحد.
وقد أثارت هذه التحويلات المتكررة شكوك إدارة الشركة، التي لاحظت تناقضاً في أرباح المؤسسة، لتُفتح تحقيقات داخلية كشفت في النهاية عن السلوك الإجرامي.
وخلال مقابلة مع الإدارة في الأول من مايو (أيار)، وعدت غرينال بالتحقيق في أسباب العجز، لكنها استغلت الفرصة لإجراء تحويل أخير بقيمة 20 ألف جنيه، مدعيةً وجود مرض عائلي، وبعد أسبوع، اعترفت طوعاً بما قامت به، ليتم اعتقالها رسمياً في 13 مايو (أيار).
وفي جلسة المحاكمة، دافع عنها محاميها بول بيكر، مشيراً إلى أنها كانت تعاني من نوع من الإدمان السلوكي المرتبط باستخدام تيك توك، رغم غياب تشخيص طبي رسمي.
وأوضح أن موكلته كانت تُنفق المال لأغراض الترفيه وليس الثراء، وأنها شعرت بالخجل والندم العميق على ما ارتكبته، خاصة أنها أم لطفلين، أحدهما يعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD).
وأكد الدفاع أن رعاية الطفلين ستنتقل إلى شقيقتها، التي تعمل في مجال الطفولة المبكرة، خلال فترة سجن الأم، واصفاً القضية بأنها “خيانة للثقة على نطاق واسع، حيث بدأت بنفقات بسيطة ثم تحولت إلى سلوك غير عقلاني”، مضيفاً: “قد يظن البعض أنها فعلت ذلك بدافع الطمع، ولكن من الضروري النظر إلى الضغوط النفسية والاجتماعية التي كانت تمر بها”.
من جهتها، أقرّت كاثرين غرينال أمام المحكمة بتهمة الاحتيال عن طريق استغلال المنصب الوظيفي، واستمعت إلى الحكم وهي تبكي بشدة، في نهاية مأساوية لقصة جمعت بين أضرار التكنولوجيا، والإدمان السلوكي، وخيانة الثقة المهنية.