السياسي – سقط صاروخ قرب بيتنا ودمر مباني سكنية ومحلات تجارية ومقاهي وممتلكات. المبنى الذي نعيش فيه لم يتضرر. لأن هذا حي مختلط، وفي أوساط السكان أشخاص يرددون المزامير، إضافة إلى مغني الأوبرا، أو كلاهما معاً، سنوفر عليكم النقاش الممتع حول ما إذا كانت هذه معجزة أم مجرد حظ. كان هناك أمر واحد مؤكد مشترك بيننا جميعاً، وهو الخوف في الملجأ المشترك عندما سمعنا الاعتراضات، وسمعنا الصاروخ وهو يقترب منا، وسمعنا صداه وهو يزيل الغطاء الحديدي عن مخرج الطوارئ فقط وضربه مرة أخرى على بئر الإسمنت بضجة كبيرة. قلوبنا سقطت. البعض بكوا وآخرون احتضنوا الأطفال، وآخرون ارتجفوا وصرخوا خوفاً، كان هناك خمسة أشخاص كالأسود في هذا الحدث. كان هناك أمر واحد مؤكد، وهو أن لا أحد منا، بما في ذلك الشباب الذين يحملون السلاح، شعر في تلك اللحظة بالخوف لأننا “شعب كالأسد”.
اسم العملية الحالية لم يتم اختياره بالصدفة. كلما كان الجمهور أكثر تعباً ويأساً، تتسع موضة القبعة المنسوجة والأهداب. منصات وضع الوشاح الديني تزداد، وأسماء العمليات أصبح مبالغاً فيها. في العمليات المستقبلية، من يعرف، ربما حتى حرب ضد كل العالم غير اليهودي، أتوقع أن نرتفع درجة في الاسم إلى “شعب كالفولاذ” و”شعب من الأبطال”، وحتى العملية الأخيرة التي ستسمى “شعب إسرائيل حي”، حيث أصبحنا في الحقيقة أمواتاً. أسماء العمليات تريد رسم الوعي الذي يدوي في الأستوديوهات من قبل المتحدثين الحكوميين والعسكريين الذين يخرجون عن أطوارهم في الإشادة بنا، نحن الجمهور، بسبب الصمود في الحرب الخالدة ضد الأعداء، على أمل أننا سنصدق ذلك في نهاية المطاف.
لا أصدق ذلك. أنا محسوب على هذا الجزء من الجمهور الذي يريد التوقف للتحدث معه بلسان لين، ومستوعب ومتعال، ويفترض أننا نقبل بهذا الوضع السيئ ونقف خلفه، لأننا لسنا كذلك. أنا جزء من جمهور واسع لا يصاب بالنشوة من الانتصاب الوطني، بل شموخه شخصي جداً. أنا جزء من جمهور واسع لا يصاب بالنشوة من الحرب ولا يرقص على الدماء، سواء دماء التضحية الذاتية أو دماء الضحايا. أنا جزء من الجمهور الذي لا يزرع في نفسه شعارات دونية عن الحيوانات، ما العيب في “شعب كالأسد”؟ أليس هذا مبتذلاً بما فيه الكفاية؟ أليس هذا توراتياً بما فيه الكفاية؟ بالمناسبة، أنا من الذين يتذكرون ما حدث لطائرة “هلافي” (الأسد)، الفخر الوطني المبالغ فيه بطائرة قتالية إسرائيلية، ويتذكرون انهيار المشروع المتهور. آمل ألا يندفع “شعب كالأسد” نحو المصير نفسه.
الجمهور الذي أشعر معه وكأنني في البيت يمقت الغطرسة اليهودية والشعور بتفوق اليهود وكل ما يحدث هنا الآن. هذا الجمهور لم يختر الحياة التي يحاول أعضاء الحكومة الحالية تطبيعها كوضع وجودي مقبول ومسلم به. هذا الجمهور لا يريد تربية أولاده في أجواء الكراهية والتحريض، سواء تجاه الداخل أو الخارج. هذا الجمهور لا يريد تقبل واقع ومستقبل حرب أبدية. هذا الجمهور لا يريد أن يتم قصف وإحراق بيوته وبيوت عائلته وأصدقائه وجيرانه، أو حتى أن تهتز قليلاً. هذا الجمهور لا يريد قتلى أو جرحى أو عالقين ومصابين بالخوف. وهو لا يريد بكاء الأطفال في الملاجئ، لا يريدهم بعد ذلك كجنود مصابين بالصدمة. لا يريد الثناء من أي ضابط أو سياسي على “صمود الجبهة الداخلية”. بشكل عام، سنكون مسرورين لو أنهم لا يسموننا “الجبهة الداخلية”. اعملوا لنا معروفاً ولا تشيدوا بنا على أي شيء. ببساطة، قوموا بعملكم كأشخاص يكسبون رزقهم من أموال الضرائب المجنونة التي ندفعها.
لا نريد أي شيء باستثناء المفهوم ضمناً، نحن نريد المقاهي مفتوحة، والبارات تعمل، والمطاعم والنوادي والمناسبات والمتاحف تعمل أيضاً. نريد مواصلات عامة تعمل. ونريد سماء مفتوحة، نريد كل شركات الطيران أن تطير إلى هنا. نريد أن يتعلم أولادنا في جهاز تعليم يحصل فيه معلمون على رواتب معقولة. نريد حرية أكاديمية في الجامعات ومعاهد الأبحاث مع ميزانيات كبيرة وعلاقات دولية. نريد وسائل إعلام حرة، وجهاز صحة يعمل. نريد كسب الرزق بكرامة. نريد العيش بدون غلاء. نريد أسبوع الفخر، أسبوع الكتاب، نريد أن يكون النادي مفتوحاً مع غرفة التمارين والبركة والدورات الغريبة جداً مثل التطبيل على اليقطين.
أعتقد أن الجمهور الذي أنا جزء منه، لا يختلف عن جمهور واسع في إيران الذين يريد بالتأكيد نفس الشيء، ترك مجموعة الجهاديين، المسلمين واليهود، التي سيطرت على الحكم في الدولتين (في الحالتين بفضل الطريقة الديمقراطية التي ترفض الدفاع عن نفسها)، ترك الحياة العامة وتركنا بهدوء. نريد سياسيين يعرفون أنهم “يخدمون الجمهور” لا نريد أشخاصاً يخدمهم الجمهور. نريد وقف إطلاق النار. نريد اتفاقات سلام نزيهة تصمد لسنوات. نريد عودة المخطوفين وعودة حياتنا ثانية. شكراً.
أفنر برنهايمر
هآرتس 18/6/2025





