إسرائيل: الوجود التركي في سوريا أخطر من الإيراني

السياسي – انهيار حكم الأسد في سوريا غيّر وجه الساحة الإقليمية. بقيت علامات استفهام بشأن احتمالات نجاح النظام الجديد، لكن يلوح إجماع دولي واسع، يفضل سوريا موحدة تحت حكم مركزي على استمرار الفوضى. خروج إيران السريع من سوريا اعتبر إنجاز كبيراً للنظام الجديد. والآن، ثمة لاعبتان إقليميتان، لهما حدود مشتركة مع سوريا تتنافسان على طبيعة نفوذهما في الدولة: إسرائيل وتركيا.
إسرائيل تخشى قيام حكم إسلامي متطرف في سوريا ونفوذ تركي واسع. لم تصل بعد إلى قرار في مسألة ما إذا كانت تفضل حكماً مركزياً قوياً في دمشق. تصريحات وخطوات تلمح بأن إسرائيل تفضل دولة ضعيفة ومتفككة. فإسرائيل تشعر أن بوسعها في الملابسات القائمة أن تؤدي دوراً مركزياً في تصميم الساحة السورية. وتركيا ترى فرصة تاريخية لتثبيت الاستقرار على حدودها مع سوريا في ظل تعزيز تعلق نظام الشرع بها. كما أنها ترى فرصة ذهبية لتعزيز مكانتها الإقليمية. ترامب وشبكة علاقاته مع أردوغان، تضيف إلى صورة الوضع الواعدة بعيون تركية.
المواجهات في السويداء والتدخل الإسرائيلي في سوريا تعتبرهما أنقرة محاولة إسرائيلية لإضعاف الشرع وإبقاء سوريا ضعيفة ومفككة. وواشنطن لم تستطب التدخل الإسرائيلي. يبدو أن لإسرائيل وتركيا مصالح متضاربة في موضوع سوريا، والسؤال الحرج هو: هل يمكن الوصول إلى تفاهمات تمنع سوء تقدير يتدهور إلى مواجهة مباشرة؟
الجواب إيجابي نظراً لوضوح كاف في الدولتين في موضوع مصالحهما الحيوية، وفي موضوع المصلحة الواضحة في الساحة الدولية التي ترحب بإعطاء الثقة بنظام الشرع.
على السياسة الإسرائيلية في هذا الموضوع أن تعتمد على بضعة أساسات. فالتدخل الفاعل، عسكرياً وأساساً ما يعتبر كـ “يد رشيقة على الزناد” حيال نظام الشرع، لا تستقبله واشنطن وأنقرة بعين رضى. ويمكن التقدير بأن إسرائيل تسعى لتثبيت نوع من المعادلة بين الموضوعين الدرزي والكردي. على أي حال، الرسالة القائلة بأن لإسرائيل أوراقاً حيال سوريا وتركيا، اتضحت أخيراً.
والمطلوب الآن فهم إسرائيلي عميق بأن التدخل التركي في سوريا، حتى وإن كان أوسع مما ينبغي في نظر إسرائيل، يختلف جوهرياً عن التدخل الإيراني. ومصادر إسرائيلية تحذر من أن الوجود العسكري التركي في سوريا أخطر من الوجود الإيراني، بل وأمر مخطئ ومضلل، وقد يخلق نوعاً من النبوءة التي تحقق نفسها. فأي هيمنة تركية في سوريا تعد أمراً غير مرغوب فيه إسرائيلياً، وينبغي تقليصه بالعمل دبلوماسياً، وأساساً مع واشنطن. لكن الحديث لا يدور عن تهديد على النمط الإيراني؛ فالخطوات الإسرائيلية في سوريا، بما فيها السيطرة على أراض وراء ما تضمنه اتفاق فصل القوات، اعتبرت عوائق في البداية، لكن علامات الاستفهام تزداد بشأنها، بخاصة بعد الهجوم على أهداف للنظام الجديد في دمشق.
والمطلوب عمل دبلوماسي مكثف في مثلث القدس – أنقرة – واشنطن بهدف تأكيد مصالح الأطراف الثلاثة، ومنع انزلاق إلى أفكار مغلوطة. القناة المباشرة والسرية الإسرائيلية – التركية، أمر حيوي. إسرائيل ملزمة بالنزول عن جبل “أوليمبس” الموجودة فيه في ضوء نجاحاتها العسكرية، كم عليها بناء تفكير عقلاني واستراتيجي، لاستغلال النجاح بشكل عاقل وليس بشكل مغامرة.
ميخائيل هراري
معاريف 30/7/2025