نفي غزة، لا يكتفي الاحتلال الإسرائيلي بقتل الأطفال والنساء وتجويعهم، بل يشن حرباً مفتوحة على الصحافة. أربعة صحفيين ارتقوا في قصف مجمع ناصر الطبي، لكن الجريمة لم تتوقف عند حدود الصاروخ، بل تواصلت في صياغة الخبر: قتل الأجساد ثم محو الهوية المهنية.
محمد سلامة قُدم على أنه “مصور الجزيرة”، بينما مرّ ذكر حسام المصري، مريم أبو دقة، ومعاذ أبو طه بلا أي تعريف بمؤسساتهم. هذه ليست زلة صحفية، بل تلاعب متعمد لإعفاء وسائل الإعلام الغربية من مواجهة دم موظفيها، ولإراحة ضمير منافق يخشى الاعتراف بأنه متواطئ مع المجرم.
الحقائق التي يريدون طمسها
• حسام المصري: مصور وكالة رويترز. الوكالة التي تلطخت بعار انحيازها للرواية الإسرائيلية، وتحاول التنصل من دم أحد أبرز مصوريها في غزة.
• مريم أبو دقة: صحفية تعمل مع الإندبندنت ووكالة أسوشييتد برس الأميركية. ليست مجهولة، بل صوت دولي كان ينقل الحقيقة، لكنهم يصرون على مسح هويتها.
• معاذ أبو طه: مراسل شبكة NBC الأميركية. الاحتلال يقتل صحفياً أميركياً، بينما شبكته تدفن رأسها في الرمال وتتصرف كأن شيئاً لم يحدث.
جريمة حرب وسحق للضمير
قتل الصحفيين في غزة ليس حادثاً عرضياً، بل خطة ممنهجة لإسكات الشهود على الإبادة الجماعية وحرب التجويع. إسرائيل تعرف أن الكاميرا تفضح أكثر من أي تقرير، لذلك تحاول تحطيم العدسة قبل أن تنقل الصورة. إنها جريمة حرب مكتملة، ووصمة عار على جبين كل من يلتزم الصمت.
الغرب شريك في الجريمة
حين يختزل الخبر في “مصور الجزيرة” فقط، يُمسح اسم رويترز وAP وNBC من المشهد. هذه ليست حيادية، بل خيانة لمبادئ الصحافة. الغرب يريد أن يدفن الحقيقة بيديه، كي يواصل خطابه الزائف عن الحرية بينما يشارك فعلياً في جريمة اغتيالها.
خلاصة
إسرائيل تقتل الصحفيين لتقتل الحقيقة. والإعلام الغربي، بصمته وصياغته المضللة، يغسل يديه من دم زملائه. إنها حرب ليست فقط على غزة، بل على الحقيقة نفسها. وإن لم يُكسر هذا الصمت، فسوف يستمر الاحتلال في قتل الصحفيين مرتين: مرة بالصاروخ، ومرة بالتواطؤ.
*ناشط وكاتب عربي فلسطيني عضو الامانة العامة للشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام.