إسرائيل تضغط على قناة ZDF – عندما تصمت وسائل الإعلام الألمانية

ماهر فاخوري

قتل إسرائيل لموظف خارجي للقناة الثانية الالمانية ZDF في قطاع غزة لم يكن مجرد مأساة عابرة، بل كشف واقعًا صادمًا عن مدى تأثر وسائل الإعلام الألمانية بالسياسة والضغوط الإسرائيلية. فقد أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلية أن الرجل، الذي كان يعمل لدى الشركة الشريكة لقناة ZDF “Palestine Media Production”، كان عضوًا في حركة حماس. ولدهشة الكثيرين، تبنّت القناة هذا الادعاء فورًا دون أي تحقيق مستقل وأوقفت تعاونها مع الشركة على الفور.

الحدث يكشف واقعًا مؤلمًا: أي نقد لإسرائيل في ألمانيا يتحول إلى ساحة سياسية حساسة، والصحفيون يجدون أنفسهم أمام خطر وصفهم بالانحياز أو معاداة السامية لمجرد ممارسة مهنتهم. حتى قتل الاحتلال الإسرائيلي لموظف لم يكن كافيًا لإثارة التساؤلات أو لإجراء تحقيق استقصائي مستقل.

تزعم القناة أن إسرائيل قدمت لها مستندًا يثبت انتماء الموظف لحماس. وبدلاً من التحقق أو استشارة مصادر مستقلة، قبلت ZDF الرواية على الفور وقطعت علاقتها بشريكها الذي عملت معه لسنوات طويلة، دون أي استفسار نقدي.

هذا الانصياع الأعمى يفضح اتجاهًا خطيرًا، إذ تتبنى وسائل الإعلام الألمانية روايات المحتل الإسرائيلي دون مساءلة. وبدلًا من ممارسة دورها كعين ناقدة ومستقلة، تصبح شريكًا في إخفاء الحقائق ودعم ممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

الصحافة الألمانية، بدلاً من أن تكون منارة للحرية وإظهار الحقائق، تعمل على تبرئة المحتل المعتدي وترفض الحياد تجاه أي نقد يمس إسرائيل. حتى الهجوم الذي أودى بحياة موظف لم يشعل أي شرارة للتحقيق أو للتساؤل النقدي.

التكيف مع الروايات الرسمية الإسرائيلية يهدد مصداقية الإعلام ويقوض جوهر حرية الصحافة، التي تقوم على طرح الأسئلة المحرجة حتى لو كانت محفوفة بالمخاطر. ومن يستسلم للضغط السياسي لا يفقد استقلاليته فحسب، بل يتحول إلى أداة لخدمة المعتدي والتغطية على جرائمه.