السياسي – أظهر تقرير لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أن مخازن الجيش الإسرائيلي تحتاج إلى كل شيء تقريبًا من الأسلحة والعتاد العسكري، بعد أن فرغت من جميع المواد الأساسية، من القذائف إلى الدبابات، وصولًا إلى القنابل المحمولة على مقاتلات “إف-15”.
وأضافت الصحيفة، أنه بينما كانت إسرائيل في الماضي تُصنف من الدول المنتجة والمصدرة للأسلحة، فإنها اليوم تبحث عن أي وسيلة لتأمين أسلحة جديدة في أسرع وقت ممكن، ومن خلال صفقات مع دول عديدة، بعضها غير متوقع، حتى مع دول لا تربطها علاقات دبلوماسية مع تل أبيب.
وبينت الصحيفة أن هذا التوجه، يعكس الوضع الحرج الذي يعيشه الجيش الإسرائيلي، ويفتح المجال لتحليل سياسات التسليح الإسرائيلية الجديدة والتحديات التي تواجهها في سياق عالمي يعج بالتنافس والصراعات.
-تحولات في السياسة العسكرية الإسرائيلية
وتوضح الصحيفة أنه بعدما كانت تل أبيب تشارك في السباق العالمي للتسلح من خلال الإنتاج والتصدير، فإنها الآن تحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من الأسلحة في أسرع وقت ممكن، وبأقل تكلفة ممكنة.
ولكن الأمر معقد جدًّا بالنسبة لإسرائيل، إذ إن هناك دولًا فرضت حظرًا عليها، وهناك مصنعون يطلبون أسعارًا باهظة، بالإضافة إلى المنافسة الشرسة في مواجهة الصراعات الأخرى في العالم، مثل الحرب في أوكرانيا.
ومع بداية العملية البرية في قطاع غزة، اتهم الجنود الإسرائيليون بإطلاق القذائف بشكل شبه عشوائي، ما أدى إلى إهدار كميات كبيرة منها.
وبحسب الصحيفة، إنه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بدأ الذراع البري للجيش الإسرائيلي بالتركيز على المخزون المتراجع، والذي كان مخصصًا أيضًا لعملية برية محتملة في لبنان؛ ثم توجهت إسرائيل إلى الولايات المتحدة لتلقي شحنات من القذائف، وتمت الموافقة على الصفقة، ووصلت الشحنة بعد عدة أسابيع.
-مفاوضات مع دول البلقان
وأكد التقرير أنه في الوقت نفسه، سعت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية للحصول على الأسلحة من دولة في منطقة البلقان، التي وافقت على بيعها قذائف، ولكن بأسعار مرتفعة؛ وعندما حاولت تل أبيب التفاوض على تخفيض السعر، تمت مضاعفته بنسبة 50%، ليصل إلى 4500 دولار لقذيفة الدبابة، و6000 دولار لقذيفة المدفع.
وأشار مسؤول كبير في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى أن هذه الأسعار “مرتفعة للغاية”، وأن الدولة البلقانية طلبت دفعة مقدمة؛ وفي حين كان الإسرائيليون يفكرون في خيارات أخرى، استفاد الأوكرانيون من الفرصة وأتموا الصفقة بالأسعار المرتفعة نفسها.
-التوسع في صفقات الأسلحة
وأضاف التقرير أنه ومنذ نهاية العام الماضي، قام ضباط الجيش الإسرائيلي وممثلو وزارة الدفاع بجولات عالمية لشراء الأسلحة، بما في ذلك من دول صديقة لروسيا مثل صربيا، التي أصبحت مورّدًا رئيسيًّا للأسلحة لإسرائيل؛ كما قامت دول أخرى تقيم علاقات مع إيران بتزويد إسرائيل بالمتفجرات، التي تم بيع مئات الآلاف من الأطنان منها إلى قوات الهندسة العسكرية الإسرائيلية.
وأكدت الصحيفة أن هذه الصفقات شملت دولًا لا تربطها علاقات دبلوماسية بإسرائيل، بشرط واحد هو عدم الكشف عن هويتها؛ وأن بعض هذه الصفقات تشمل تقنيات عسكرية إسرائيلية متقدمة، لم تكن إسرائيل توافق على بيعها لأي دولة في السابق.
-أزمة إمدادات الأسلحة
ويشير التقرير إلى أن الحرب الطويلة في غزة أدت إلى نقص حاد في الأسلحة والمعدات، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى تحويل جزء كبير من المعدات من مخزوناته إلى جبهات القتال، وكان من أبرز الأمثلة على ذلك قلة توفر الدبابات وناقلات الجنود المدرعة، إضافة إلى نقص أجهزة الراديو والسترات الواقية من الرصاص.
كما كانت إسرائيل مضطرة للحصول على أسلحة متطورة مثل بنادق القنص من شركة “إلبيت” الإسرائيلية، التي كانت قد أتمت صفقة لتوريد 10,000 بندقية قناصة للجيش الأمريكي. وعندما علم الجيش الإسرائيلي بالحاجة الماسة للأسلحة، طلبوا من الجيش الأمريكي تحويل هذه الصفقة إليهم، وهو ما تم بموافقة الإدارة الأمريكية.
-التحديات الاقتصادية والتسليح
وتعترف مصادر في وزارة الدفاع الإسرائيلية بأن الحرب الطويلة كانت تتطلب توافر المزيد من الأسلحة المتطورة، بما في ذلك الطائرات دون طيار وقذائف الهاون الدقيقة.
وأوضحت المصادر أنه رغم أن الاقتصاد الإسرائيلي كان يعتمد على الدعم الأمريكي، إلا أن الضغط على الجيش الإسرائيلي بسبب الحاجة الملحة للأسلحة أدى إلى اتخاذ إجراءات سريعة ومرنة، بما في ذلك التفاوض مع دول ضد إسرائيل بشكل رسمي.
كما كشفت الصحيفة أن الولايات المتحدة، على الرغم من كونها المزود الرئيسي للأسلحة لإسرائيل، تواجه تحديات خاصة بسبب الأزمة السياسية القائمة بين الإدارة الأمريكية والدولة العبرية، ما جعل بعض كبار الضباط الإسرائيليين يعتمدون على علاقاتهم الشخصية مع نظرائهم الأمريكيين للحصول على الأسلحة.
-الاستعانة بالوساطات العسكرية
وكشفت الصحيفة أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحولت مؤخرًا إلى “سماسرة الأسلحة” العالميين، الذين يتعاملون مع صفقات الأسلحة في جميع أنحاء العالم؛ وأن بعض هؤلاء الوسطاء ليسوا جديرين بالثقة، إلا أن إسرائيل لا تملك خيارًا آخر.
وأكد المسؤولون في الجيش الإسرائيلي أن بعض الصفقات تمت عبر علاقات شخصية وثيقة مع كبار المسؤولين الأمريكيين، وهو ما أتاح لإسرائيل الحصول على الأسلحة المطلوبة بسرعة كبيرة.