بات من المؤكد أن أمد حرب الإبادة المستمرة غير مرتبط باغتيال قائد الطوفان، ولا مرتبط بموعد الانتخابات الأمريكية، بل برغبات نتنياهو الساعي لاستمرار الحرب على كل الجهات والجبهات، وهو بذلك يدفع خطر تفكك وسقوط حكومته القائم على ائتلاف عنصري متشدد ومتطرف، يهدف إلى السيطرة والنفوذ على المنطقة وفرض هيمنة عسكرية وسياسة واقتصادية تتسع وتتمدد في كل الجهات، إلى جانب مواصلة بحثه عن تحقيق صورة انتصار تعيد هيبته، فلم يكتفِ بكل ما أحدثه من قتل ودمار وخراب، ولم يكتفِ بمئات الأطنان من القنابل والصواريخ التي أسقطت على غزة.
وبالعودة إلى الخرائط التي قاموا بإشهارها سواء نتنياهو أو سموتيريتش في المحافل الدولية، فإنها لم تكن سقطة، أو مجرد رسم على ورق أو خطأ مطبعي، بل هي عقيدتهم في السيطرة والاحتلال والتوسع نحو الشرق ونحو الغرب، وتلك الخارطة التي احتوت على قضم الأردن وسيناء وجنوب لبنان ومساحات من الجولان السوري، هي ما يسعى نتنياهو ومن معه لتحقيقها، والغرض منها إقامة إسرائيل الكبرى وفق تعاليمهم التلمودية، ولهذا فإن حرب الإبادة مستمرة ومتواصلة في ظل غياب تام للصوت الدولي وللمواقف الأممية، وأمام ذلك كله تظهر المواقف العربية ضعيفة وهشة، وغير قادرة على وقف الحرب ولجم عربدة نتنياهو وحكومته.
إن غياب المواقف الدولية، وعدم وجود مبادرات سياسية جادة وواقعية، يعني إعطاء المزيد من الوقت لنتنياهو كي يبقى مستمرًا في حرب الإبادة، تحت غطاء ومظلة أمريكا وحلفائها، وهم يشهدون على كل ما حدث، وكل ما يحدث، ويعلنون الدعم الكامل كل يوم، ويرسلون المال والسلاح، ما يجعل نتنياهو يمضي في خطته، وغير مستعد لوقف الحرب، يتلذذ بالخراب والدمار والحصار، وهذا يمنحه المزيد من فرص تسويق الوهم لجمهوره.
أما معارضيه فقد عجزوا حتى الآن عن استثمار الأوراق التي من شأنها إسقاط حكومته وائتلافه.
وقف الحرب يتطلب موقفًا أمريكيًا وقرارًا دوليًا، وهذا ما لم يتحقق حتى الآن، بل إن التصريحات الصادرة عن البيت الأبيض كلها تتفق وتصريحات حكومة الاحتلال، وأن قوة الدعم تزداد في شتى المجالات، مما يفسر إصرار نتنياهو على استمرار الحرب واتساعها.