إعدام في السرير

هيئة التحرير – هآرتس
قوة من الجيش الإسرائيلي تداهم في جنح الليل قرية فلسطينية، وتقتحم بالقوة شقةً سكنية لا يسكنها أيّ مطلوب، وتوقظ بلا أيّ سبب جميع سكانها، بمن فيهم الرضّع، الأطفال وكبار السن. فور تحطيم الجنود باب الشقة ودخولهم إليها، يبدأ أحدهم بإطلاق وابل من الرصاص الحيّ، من مسافة شبه صفر، على شابّ كان نائمًا في سريره. ليس واضحًا إن كان الشاب قد استيقظ، لكن من المؤكد أنه أُطلق عليه النار وهو لا يزال مستلقيًا في سريره. سارع الجنود إلى إخراج زميلهم مطلق النار، وهم يصرخون في وجهه: “لماذا أطلقت النار؟ أنت مجنون!” — لكن الأوان كان قد فات. جاسم السيد، شاب في العشرين من عمره، بريء تمامًا، قُتل في المكان — بأربع رصاصات أصابت الجزء العلوي من جسده، بينما كان والده مستلقيًا في الغرفة المجاورة.
وقع هذا الحدث قبل نحو أسبوعين، في ليلة ما بين 27 و28 أيار/مايو، في قرية جيت بمحافظة قلقيلية، وقد كُشف عنه في صحيفة “هآرتس” (جدعون ليفي وأليكس ليبك، 6 حزيران). حين طُلب من الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي التعقيب على الحادث، اكتفى بكلمتين: “الحدث قيد التحقيق”، وفقًا لمصادر عسكرية.
جندي يقتل شابًا في مثل سنّه، على ما يبدو بلا سبب، والجيش يكتفي بردّ مقتضب لا يلبي حتى أدنى معايير الشفافية. ماذا يعني أن “الحدث قيد التحقيق”؟ من الذي “يحقّق”؟ ومتى “سيتحقّقون”؟
في الأساس، مجرّد أن ردّ الناطق بلسان الجيش لا يتضمّن أيّ إشارة إلى فتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية — كما هو متّبع في الحالات التي تثير شبهات بسلوك جنائي — وأن الجندي لم يُعتقل، بل لم يُعلَّق عن مهامه حتى، يدلّ على أنّ قتل شاب بريء في سريره يُعدّ، في نظر القيادة العليا للجيش، حدثًا عاديًا.
هذا هو الحال حين يقتل الجيش آلاف الأبرياء في قطاع غزّة — من مسعفين، صحافيين، أطفال، مسنّين ونساء، ومؤخّرًا أيضًا جوعى في طوابير انتظار للحصول على الطعام من مراكز توزيع المساعدات. عمليّة “غَزْوَة” الضفّة الغربية تتواصل على قدم وساق، ويبدو أنّ الجنود باتوا يتشوّقون إلى التصرّف كما يفعل زملاؤهم الجنود في قطاع غزّة. الجيش يتيح لهم ذلك، ويُفرغ من كلّ مضمون شعارات الماضي حول “جيش أخلاقي” و”قيم أخلاقية”.
الواقع هو أنّ حتّى ما يبدو كإعدام شاب في سريره لا يُعدّ، في نظر قادة الجيش الإسرائيلي، حدثًا خطيرًا يستدعي اتخاذ خطوات فورية وجديّة — كاعتقال الجندي، وفتح تحقيق جنائي، وتقديمه للمحاكمة. وهكذا، تُوجَّه رسالة واضحة إلى سائر جنود الجيش: يحقّ لكم التصرّف كما يحلو لكم. وعندما تكون فوق المستويات العسكرية قيادة سياسية لا تكتفي فقط بدعم مثل هذه الفظائع، بل تدفع باتجاه ارتكاب مزيد من جرائم الحرب — تصبح إسرائيل أكثر توحّشًا، وأكثر عزلةً ونبذًا في العالم.
كلّ شيء مباح في قطاع غزّة، والآن بات كلّ شيء مباحًا لجنود الجيش أيضًا في الضفّة الغربية. هنا وهناك، أرخص ما في نظر الجيش الإسرائيلي هو حياة الفلسطينيين. الحادثة المخزية في جيت تُثبت ذلك بما لا يدع مجالًا للشك.

نقلا عن Pal Daily