يجادل البعضُ بأن الحرية في النشر تتناقض مع مطالب التحقق من الأمور؟ وتجادل المؤسسات التي تسعي نحو الحقيقة الى إخراج الناس من (فقاعاتهم الالكترونية) حيث يتم حصرهم بسيل لا ينقطع من المعلومات من المصادر المنتقاة تلك التي تتفق فقط مع رغباتهم ما يجعل من اطلاعهم على المعلومات المختلفة أو المخالفة متعذرًا، لا سيما أن كثير من الوسائط التي تبث المعلومات او الاخبار أو الادعاءات توردها ضمن الفقاعة بلا مصدر موثوق أو امكانية تحقق.
ويعتبر نموذج “أيلون ماسك” -الوزيرالسابق لدى “ترَمب” وصاحب منصة إكس (س)- فاقعًا بمطالبته بحرية المعلومات ! حتى الظاهر أنها مضللة أو تنطلق من فكرة المؤامرة لأنه يجادل أن تقييدها ضد الحرية، وتداولها غير مؤذي ما يعنى رفضه المطلق لاستبعادها!
بينما يرد “كريس موريس” رئيس منظمة الحقيقة الكاملة (فُل فاكت) على مثل ما سبق أن “الحقائق تشكّل اللبنات الأساسية التي تضمن حصول المواطنين على معلومات دقيقة، وتساعدهم على اتخاذ قرارات مدروسة بشأن القضايا الأكثر أهمية. ولا يمكن أن تكتسب حرية التعبير مزيداً من القيمة إلا من خلال خلق بيئة معلوماتية أفضل وأقل سمّية.”
نقول بالمأثور العربي أن حريتك تقف عند حدود حرية الآخرين، ويقول “موريس” بمواجهة الصارخين بحرية الأخبار والمعلومات مهما كانت كاذبة أو مضللة أو مسمومة بوضوح! بحجة حرية التعبير أن: “حرية التعبير ليست مطلقة، ولم تكن كذلك أبداً، حتى في التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة”. مضيفًا أن “التحقق من الأمور لا يُقيّد النقاش، بل يعززه من خلال ترسيخه في أرضية الحقيقة. وهو بالتأكيد لا يُعد رقابة، كما ادعى رئيس شركة “ميتا”، مارك زوكربيرغ، حين غير موقفه بشكل مفاجئ في مطلع هذا العام. فتوثيق الحقائق يضيف سياقاً مهماً إلى النقاشات المعقدة”.
وحسب جامعة فكتوريا وتعديلاتنا فإليك هذه الأمور الخمسة الأساسية التي يجب مراعاتها لغرض مواجهة أوتجنب الأخبار الكاذبة أو المضللة التي تدهمك يوميًا
• ضع في اعتبارك التحيّزات: لذا تعوّد أن تقرأ الأخبار من مصادر متنوعة، خاصة الموثوقة بالتجربة، لضمان حصولك على وجهات نظر متعددة.
• غيّر محرّكات البحث: تلعب خوارزمية “جوجل” دورًا كبيرًا في أنواع النتائج التي تراها. وعليه جرب استخدام محرك بحث آخر مثل محرك (امشِ يا بطة) DuckDuckGo حيث النتائج لا تتأثر ببيانات مستخدمي جوجل التي يجمعها الأخير.
• اسأل عن المحتوى الذي يثير مشاعر وعواطف قوية: غالبًا ما تُبنى عناوين الأخبار الكاذبة خصيصًا لإثارة رد فعل قوي (أنظر فكرة التهييج والتجييش والتضليل في الاعلام العربي الفضائي خاصة). لذا كن حذرًا، فإذا كان العنوان يروّج لشيء يبدو جيدًا جدًا لدرجة يصعب تصديقها أو يثير غضبًا بشأن موضوع أو حدث معين. عليك تذكر أن إثارة العواطف القوية (التي تهزّ وتصدم أو تُدهش وتُبهر) هي إحدى الطرق التي يشجع بها مروجو الأخبار الكاذبة على انتشارها.
• لا تعتبر الأخبار العاجلة حقيقة: تحتاج الأخبار إلى وقت لتتطور وتصل إلى من ينشرونها. من المرجح أن تُنقل الأحداث كما هي، مما يؤدي إلى انتشار تفاصيل غير صحيحة أو غير مؤكدة. لذا عليك مراجعة دليل مستهلك الأخبار العاجلة لمزيد من النصائح لتقييم المعلومات الواردة في الأخبار العاجلة.
• انتبه إلى أن الأخبار الكاذبة قد تأتي بأشكال متعددة: فالأخبار الكاذبة لا تنتشر عبر الشابكة (الإنترنت) فحسب، بل يمكن أن تُؤوي المدونات الصوتية، والمرناة (التلفزيون) والوسائط المطبوعة والقنوات الأكاديمية معلومات مضللة ومدلسة. ومن هنا يمكنك استخدم أدوات الكشف عن الأخبار الكاذبة في أي موقف لا تكون متأكدًا فيه تمامًا من جودة المعلومات، والى ذلك يمكنك أيضًا اكتشاف الاخبار الكاذبة باستخدام تقنية الأسئلة الذكية الخمسة المعروفة وهي: ماذا، لماذا، مَن، متى، أين.
1- (ماذا) أو ما أنواع المحتوى أو المضامين الكاذبة التي يجب أن أحذر منها؟
2- لماذا ينتشر المحتوى أو الخبر كثيرًا؟
3- مَن ينشره؟ هل لدى هؤلاء الناشرين سجلّ جيد من الدقة والموثوقية والمصداقية؟
4- متى بدأ انتشاره؟ (الزمن مرتبطًا بحدث ما)
5- أين يمكنني التأكد من صحة شيء ما؟
كما يمكن استخدام ما طريقة “الفحص الدقيق” وتشمل أربع خطوات يتم اتباعها عند تقييم مصدر ما للتحقق من مصداقيته وموثوقيته. وهي ببساطة تتضمن أن تتفكّر (التفكيك والربط والنقد) وتتأمل قبل تقبّل الخبرهكذا كما جاء، واسأل نفسك: هل هذا مصدر موثوق؟ هل وجهة النظر متحيزة؟ وهل تُقدم مصادر أخرى نفس القصة/المحتوى/المضمون؟ هل جاءت القصة في الوقت المناسب؟ ثم قرر.
بالختام دعنا نقول أن أعصار المعلومات وحاليًا مع الذكاء الاصطناعي (ذإ) يحتاج لكل دارس ومثقف وإعلامي ومفكر وسياسي بالأخص، وبالأعم للجميع الانتباه لقيم المراجعة والتدقيق والتنخيل للخبر بعدم أخذ الخبر أوالمحتوى كما يرد، لاسيما أن الشابكة (انترنت) والوسائط الاجتماعية فضاء مفتوح لكل من هب ودب، وبقيم وأفكار وأخلاق ليست النزاهة والمصداقية أو الأمانة العلمية من صفاتها بالضرورة لدى الجميع.
