إعلانات سوبر بول.. هل يقترب المستقبل من الخيال؟

السياسي -وكالات

تحولت إعلانات السوبر بول هذا العام إلى ساحة استعراض للذكاء الاصطناعي، حيث سعت كبرى شركات التكنولوجيا إلى ترسيخه كأداة لا غنى عنها في الحياة اليومية، رغم استمرار الجدل حول دقته وخصوصية المستخدمين.

في الماضي، كان التركيز على الحوسبة الشخصية والتسوق الإلكتروني والعملات المشفرة، أما هذا العام، فقد هيمن الذكاء الاصطناعي على المشهد، وفق ما أورد “إنترستينغ إنجينيرينغ”. ووُصف الحدث بـ”بطولة السوبر بول للذكاء الاصطناعي”، حيث استعرضت كبرى شركات التكنولوجيا أحدث منتجاتها، من نماذج اللغة إلى النظارات الذكية، في محاولة لجعل الذكاء الاصطناعي أكثر قرباً من المستخدمين. لكن رغم الترويج له كمساعد ممتع، لم تكن النتيجة دائماً سلسة.

 

 الذكاء الاصطناعي بين الدهشة والقلق

ارتفعت تكلفة الإعلان لمدة 30 ثانية إلى 8 ملايين دولار، ما يعكس جدية الشركات في استغلال جمهور السوبر بول الهائل. وركزت الإعلانات على تقديم الذكاء الاصطناعي كأداة لا غنى عنها، قادرة على تلبية احتياجات متنوعة، من مقابلات العمل إلى إدارة المشاريع.

وبينما سعت الشركات إلى إثارة الدهشة، رافق ذلك شعور بالخوف من التخلف عن ركب التطور، في محاولة لجعل الذكاء الاصطناعي جزءاً من الحياة اليومية.


غوغل في الصدارة

برزت غوغل في حملة الترويج للذكاء الاصطناعي، عبر إعلان ركز على نموذجها اللغوي “جيميني” ومنتجات Workspace. ظهر في الإعلان رجل يستعد لمقابلة عمل، مدعوماً بمقترحات من “جيميني” لتحسين إجاباته. رغم أن هذه الميزات لا تتجاوز ما قد يقدمه صديق أو قريب، إلا أن الإعلان ركّز على إبراز الذكاء الاصطناعي كأداة مطمئنة ومساندة للإنسان.

إعلان آخر على “يوتيوب” روّج لمتجر جبن في ويسكونسن، مظهراً كيف يقدم “Google Workspace” معلومات فورية عنه. لكن سرعان ما اندلع الجدل عندما تبيّن أن بيانات الإعلان مبالغ فيها، مما استدعى تعديله لاحقاً. كما أثارت مقتطفات من الإعلان، تعود لعام 2020، شكوكاً حول مدى أصالة مخرجات الذكاء الاصطناعي.

 OpenAI تدخل المنافسة

شاركت OpenAI لأول مرة في إعلانات السوبر بول، في خطوة لافتة لمنافسة عمالقة التكنولوجيا. ركّز إعلانها على التحولات التاريخية الكبرى، مثل اكتشاف النار واختراع المصباح وهبوط الإنسان على القمر، لينتهي بالذكاء الاصطناعي التوليدي، في إشارة إلى دوره كابتكار تحويلي.

لكن التفاعل مع الإعلان كان منقسماً؛ فبينما أشاد البعض به، رأى آخرون أنه مبالغ فيه، لا سيما أن ChatGPT يقتصر على صياغة النصوص. كما أن الإعلان، الذي اعتمد على رسوم متحركة من فنانين بشريين بدلاً من أداة “Sora” الخاصة بالشركة، أثار تساؤلات حول مدى اعتماد OpenAI على تقنياتها الخاصة.


استعراض القدرات

روّجت Meta لنظارات “Ray-Ban Meta” الذكية، حيث ظهر مشاهير مثل كريس هيمسوورث وكريس برات وهم يختبرون ميزاتها في معرض فني. الهدف كان جعل التقنية أكثر قرباً من المستهلكين ودفعهم لاعتمادها في حياتهم اليومية.
أما Salesforce، فاعتمدت على الممثل ماثيو ماكونهي لتسويق منصتها “Agentforce”، حيث ظهر وهو يواجه تغييراً مفاجئاً في بوابة رحلته داخل مطار فوضوي، مشيراً إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على التكيف مع المواقف غير المتوقعة وتقديم حلول فورية.
بدورها، سلطت GoDaddy الضوء على أداة “Airo”، التي تتيح لأصحاب الأعمال الصغيرة إنشاء مواقع إلكترونية وشعارات وإدارة المحتوى بسهولة، عبر إعلان طريف ظهر فيه الممثل والتون جوجينز. الرسالة كانت واضحة: الذكاء الاصطناعي يمكنه تنفيذ المهام المعقدة نيابة عن المستخدم، بغض النظر عن خبرته التقنية.

 

 هل الذكاء الاصطناعي حليف أم مصدر قلق؟

امتد استخدام الذكاء الاصطناعي إلى إدارة الأمن في السوبر بول، حيث ساعدت أنظمة التعرف على الوجه وتحليل الحشود في تعزيز السلامة، لكن هذا أثار مخاوف بشأن المراقبة المفرطة.

ورغم محاولات الشركات تسويق الذكاء الاصطناعي كأداة صديقة، يحذر المنتقدون من مخاطر الاعتماد المفرط عليه، خاصة أن مخرجاته قد تكون غير دقيقة أو مختلقة. كما تظل مسألة الخصوصية مثار جدل، مع تزايد جمع البيانات لتعزيز قدرات هذه التقنيات.

في ظل هذه التحديات، تبدو الصورة الوردية التي ترسمها الإعلانات وكأنها واجهة تسويقية أنيقة، تخفي واقعاً أكثر تعقيداً مما تبدو عليه.

 

تابعنا عبر:

شاهد أيضاً