السياسي – ليس صدفة ملء الأرشيفات باقتباسات متضاربة للسياسيين من بن غوريون شمالاً، والسبب أنهم يقتبسون أكثر من معظم الناس، يكتبون كتباً، ينشرون مقالات، يجرون مقابلات صحافية مع وسائل الإعلام، وإذا ما تبقوا في السياسة عشرات السنين، فالواقع يدفعهم لتبني مواقف متضاربة. انشغالهم بالسياسة الداخلية والخارجية لا يجعلهم كذابين. والأحرى أنهم حين يعربون عن مواقفهم، يؤمنون بها.
غير أن لكل شيء حدوداً، ونتنياهو تجاوزها بالقول الذي جاء فيه أنه هو نفسه كان سيسره مواصلة محاكمته. لكن انطلاقاً من حرصه على المجتمع الإسرائيلي ووحدته، يسعى لإنهائها وينشغل برأب الصدوع. يعتقد أننا أغبياء ومستعدون لشراء كل تفسير. وأننا لسنا واعين لدوره الكبير في هذا الصدع، الذي بدأ عندما خرق وعده الشهير ونصّب مجرماً مداناً بثماني ملفات جنائية بينها تأييد منظمة إرهاب وتحريض على العنصرية، وزيراً مسؤولاً عن الشرطة؟ لقد قرر بإسمنت مسلح من الثقة بالنفس أن حماس مردوعة، وأعلن على الملأ بأن حماس أفضل في نظره من المنظمة التي وقعت مع إسرائيل على اتفاق سياسي، اتفاق منذ 1996 لم يحاول إلغاءه رغم أنه كان يمكنه ولا يزال يمكنه. طلب تحرير كل الاسرى، ثم أصر على تحرير متدرج، ومرة أخرى عاد ليطلب “عن حق” تحريراً كاملاً. لقد جعل الرئيس الفلسطيني نوعاً من مؤيد للإرهاب، وكذا أيضاً “الموحدة” بقيادة منصور عباس رغم أنه تسكع معها قبل ذلك. أقر التعيينات، وبعد ذلك أعلن عن تراجعه عنها لأنه الحديث يدور عمن شارك في الاحتجاجات ضد هدم جهاز القضاء. عارض تحرير مخربين مقابل أسرى، وتراجع في حالة جلعاد شاليط. عارض بشدة حل الدولتي؛ أيدها في خطاب بار إيلان الشهير، وتراجع عن ذلك بعد سنة في خطابه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. لكن حجته في صالح إنهاء محاكمته ومحاولته إلقاء السبب في ذلك علينا في ظل استخدام الحاجة المغسولة لوحدة الشعب، فهو بذلك يتخذ خطوة واحدة أكثر مما ينبغي.
-من يمكنه الجلوس مع بينيت بدبابة في غزة
“حلف الخادمين” لنفتالي بينيت، هو مجموعة مواطني إسرائيل التي قد تجلس معه في دبابة في غزة. وعليه، على حد قوله، حول طاولة الحكومة أيضاً. من بين أوساط عموم مواطني إسرائيل، أقل من النصف يخدمون في الجيش. في 1956 قرر بن غوريون ألا يجند عرب إسرائيل، ولهذا لا يتلقون أوامر تجنيد. الحريديم يتلقون أوامر تجنيد، لكنهم بإذن المدارس الدينية الحريدية يتلقون “تأجيل خدمة” لكل حياتهم. ولم نتحدث بعد عن النساء الدرزيات وعن النساء الحريديم وعن النساء اللواتي يتحررن لاعتبارات ضميرية “واعتبارات بواقع حياة عائلة – دينية” وعن أناس يتحررون لاعتبارات الصحة وكثيرين آخرين. فهل يسعى بينيت لإقصاء كل هؤلاء عن دبابته؟ يجدر به أن يبحث عن تعريف أكثر نجاحاً كي يقصي طبيب الأسنان من المغار الذي سمح له بتعيين كرئيس الوزراء في 13 حزيران 2021.
يوسي بيلين
إسرائيل اليوم 12/12/2025







