إنسوا الموضوع… “حزب الله” لن يسلِّم سلاحه

جان الفغالي

الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، قد لا يكون، فعليًا، الرقم واحد، على مستوى الفعالية، في “حزب الله”، لكنه في التراتبية التنظيمية هو الأول، ويكاد أن يكون “الناطق الرسمي” باسم “الحزب”، والمعبِّر عن موقفه. من هذه الزاوية يكتسب ما يقوله أهمية قصوى، ويبني عليه صنَّاع القرار والمحللون قراراتهم وتحليلاتهم.

في الخطاب الأخير الذي ألقاه يوم الجمعة الفائت، في مناسبة ذكرى حزبية، أنهى مفاعيل زيارة الموفد الأميركي توم برَّاك قبل أن تبدأ، فرفض الورقة التي يحملها، وهي وصلت إلى بيروت قبل وصوله، وهذه المرَّة لم يأتِ كلامه بصيغة “التلميح” بل بصيغة “التصريح”، وكأنه أراد أن يقول: “حين يكون النص صريحًا، لا حاجة إلى الاجتهاد”.

يقول الشيخ قاسم، بكل وضوح: “مشروع نزع السلاح الآن، في هذه المرحلة، في كلّ الأطروحات، هو من أجل إسرائيل”. ويتابع: “نشعر بأننا أمام تهديد وجودي، تهديد وجودي للمقاومة وبيئة المقاومة، والمناصرين للمقاومة”.

ثم يضع الشيخ قاسم الفرضية التالية “إذا دافعنا ووقعت خسائر كبيرة عندنا، وهذا متوقع إذا نحن دافعنا، لكن لدينا الأمل أننا إذا تصدّينا نستطيع أن نقفل الباب عليهم وأن نفتح بابًا للحل والتحرير. أما إذا سلّمنا، مثل ما يقول البعض :”فلنسلّم” ، فهذا يعني أننا أبطَلْنا أسباب قوتنا مجانًا، والضمانة الأكيدة أن يكون هناك تغوّل إسرائيلي لا حدود له، ليعدم لبنان حياته ومستقبله وحياة أبنائه”.

هذه الفرضية لا توصل إلا إلى نتيجة واحدة، وهي:

“اصبروا على حصرية السلاح. بحسب مفهومكم، أنتم عندكم مفهوم لحصرية السلاح، ونحن عندنا مفهوم آخر لحصرية السلاح. اصبروا، وانظروا كيف ساعدنا في انطلاقة البلد، والآن هذا السلاح لم يؤثّر نهائيًا ولا أي تأثير في انطلاقة البلد . إذا كان هناك تعثّر في انطلاقة البلد فبسبب الإدارة أو الأجانب أو الآخرين الذين لا يعاونون لبنان، في مقابل الخطر الكبير الذي لن يُبقي لبنان. أي نحن أمام خطر اسمه “إسرائيل” وأميركا، وأمام مشكلة اسمها حصرية السلاح في الداخل. عندما نكون أمام خطر ومشكلة، نعالج الخطر ثمّ نذهب إلى المشكلة، لا نذهب إلى المشكلة والخطر داهمٌ علينا جميعًا. العدوان ومواجهة العدوان أهم مشكلة تواجه لبنان. فلتكن كلمتنا واحدة، ولنعمل للأولوية، وتأكدوا أنه بعد أن نُزيل هذا الخطر، وبعد أن يتحقق المطلوب، نحن حاضرون أن نناقش استراتيجية الأمن الوطني، والاستراتيجية الدفاعية”.

ويختم الشيخ قاسم، مهوِّلًا: “الآن إذا لم تقبلوا، ماذا أفعل لكم؟ من أبى وقبل الذل فهذا شأنه، نحن لن نقبل الذل.

الآن تقولون: إذا استسلمتم يكون أفضل، نقول لهم لا، لسنا من الذين يستسلمون”.

بعد هذا الكلام، هل هناك مَن لا يزال مقتنعًا أو مصدّقًا بأن “حزب الله” سيسلِّم سلاحه؟ إنسوا الموضوع، وابدأوا التفكير بسيناريو: ماذا سيحصل بعد أن يرفض “حزب الله” تسليم سلاحه؟ فـ “الحزب” لن يسلِّم سلاحه، لأنه، كما يقول، أمام ثلاثة مخاطر:

الخطر الأول، إسرائيل من الحدود الجنوبية.

الخطر الثاني، الأدوات الداعشية على الحدود الشرقية.

الخطر الثالث، الطغيان الأميركي الذي يحاول أن يتحكم بلبنان ويمارس الوصاية عليه.

عندما تُزال هذه “الأخطار” الثلاثة، يسلِّم “حزب الله” سلاحه، أما إذا لم تُزَل هذه “الأخطار”، والأرجح أن لا تزول قريبًا أو بعيدًا، فـ “الحزب” باقٍ وسلاحه باقٍ.

*نقلاً عن “نداء الوطن”