السياسي – أكدت مجلة Foreign Affairs الأمريكية أن اتفاقيات التطبيع العربي بشكل منفرد زادت التطرف الإسرائيلي والإيغال في تكريس احتلال الأراضي الفلسطينية، وأن اتفاقيات أبراهام والتطبيع بدون الفلسطينيين لا يحقق الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط.
وأبرزت المجلة أن جهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب لترسيخ إرثه في الشرق الأوسط كانت قد بدأت حتى قبل عودته إلى البيت الأبيض في وقت سابق هذا الشهر.
إذ صرح جيسون غرينبلات، المبعوث السابق لترامب إلى الشرق الأوسط، أمام آلاف المشاركين الدوليين في منتدى الدوحة في قطر في ديسمبر: “لن يكون هناك طريقة تجعل الرئيس ترامب غير مهتم بتوسيع اتفاقيات أبراهام”.
وهذه الاتفاقيات، التي تم توقيعها في عام 2020 بين دولة الاحتلال وكل من البحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة، تم الترويج لها باعتبارها الإنجاز الأبرز لترامب في السياسة الخارجية خلال ولايته الأولى، وحظيت بإشادة من حلفائه وخصومه السياسيين على حد سواء، بما في ذلك الرئيس السابق جو بايدن.
من جهته لم يكتف بايدن بتأييد اتفاقيات أبراهام، بل سعى أيضًا إلى البناء عليها من خلال التوصل إلى صفقة تاريخية مع المملكة العربية السعودية، الدولة العربية الأكثر نفوذاً.
وقد تضمنت عروض بايدن للسعوديين شراكة استراتيجية موسعة مع الولايات المتحدة، تعادل مستوى الحلفاء في الناتو، مقابل تطبيع العلاقات مع (إسرائيل).
-استحالة تجاهل القضية الفلسطينية
لكن بحسب ما أبرزت المجلة فإن هذه المقاربة لتحقيق السلام العربي-الإسرائيلي تتجاهل القضية الفلسطينية. قبل عام 2020، كان الإجماع العربي هو أن التطبيع مع إسرائيل لن يتحقق إلا بعد إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
ولكن قرارات البحرين والمغرب والإمارات بتجاوز هذا الإجماع أفقدت الفلسطينيين أداة ضغط هامة ضد (إسرائيل). وقد جاء هجوم طوفان الأقصى للمقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023 والحرب المدمرة على غزة ليؤكد أن القضية الفلسطينية لا يمكن تجاهلها أو تهميشها لصالح التطبيع.
وقالت المجلة إنه رغم هذه العقبات، يبدو أن ترامب عازم على إكمال ما بدأه خلال ولايته الأولى، حيث يطمح لتحقيق صفقة ضخمة تضم الولايات المتحدة و(إسرائيل) والسعودية.
وفقًا لغرينبلات، يروج ترامب لمزاعم أن دمج (إسرائيل) في المنطقة أكثر أهمية للقادة العرب من القضية الفلسطينية.
وشددت المجلة على أن السلام والأمن الإقليميين لا يمكن تحقيقهما دون حل القضية الفلسطينية وأن الأحداث الأخيرة أكدت أن الفرضية الأساسية للاتفاقيات، وهي إمكانية تحقيق الاستقرار الإقليمي مع تجاهل الفلسطينيين، كانت خاطئة.
إذ أنه على الرغم من الإشادة بالاتفاقيات كإنجاز دبلوماسي، إلا أنها بنيت على افتراضات خاطئة. كانت الفكرة الأصلية هي تجاوز القضية الفلسطينية وقمع أي دور فاعل لها، على أمل أن يقبل الفلسطينيون بالترتيبات المفروضة عليهم. لكن غياب أي ضغوط على (إسرائيل) ترك الفلسطينيين أكثر عرضة للاضطهاد من قبل حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، ما أدى إلى زيادة التصعيد والتوسع الاستيطاني.
بموازاة ذلك لم تُظهر دول التطبيع: البحرين أو المغرب أو الإمارات أي تأثير حقيقي على السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، بما في ذلك التوسع الاستيطاني وهدم المنازل في القدس المحتلة. بل أن الإمارات استثمرت في البنية التحتية للاحتلال.
وختمت المجلة “لم تؤدِ اتفاقيات أبراهام إلى السلام والأمن، بل أسفرت عن نتائج عكسية بتشجيع (إسرائيل) على اتباع سياسات أكثر تطرفًا. يتعين على إدارة ترامب أن تدرك هذا الواقع بعد أن دفعت المنطقة أثمانًا باهظة نتيجة تجاهل الفلسطينيين”.