السياسي – تتجه حكومة الاحتلال إلى المصادقة على الاتفاق المنجز في شرم الشيخ، رغم معارضة حزبي “الصهيونية الدينية” و”عظمة يهودية” بزعامة المتطرفان بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. إلا أن مستقبل الحكومة بات أكثر تذبذباً في ظل تزايد احتمالات تفككها، ليس بسبب قوة المعارضة أو تنظيمها، بل نتيجة الجدل الدائر حول الصفقة، إضافة إلى الجدل المتوقع حول قانون التجنيد الذي يعارضه الحزبان الحريديان المشاركان في الائتلاف “شاس” و”يهدوت هتوراه”.
من المتوقع أن يصوت قادة “الصهيونية الدينية” و”عوتسما يهوديت” ضد الصفقة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاصيلها خلال اجتماعي “الكابنيت” والحكومة الليلة. وقال سموتريتش إنه يخشى “إطلاق سراح الجيل القادم من قادة الإرهاب”، لكنه لم يهدد بالاستقالة، فيما قالت زميلته في الحزب الوزيرة أوريت ستروك لموقع “يديعوت أحرونوت”: “هذه الاتفاقية هي أوسلو 3. نحن نسلم أمننا لأيدٍ أجنبية”. أما بن غفير فما زال يلتزم الصمت.
ورغم ذلك، هناك أغلبية واضحة في الحكومة تؤيد صفقة إطلاق سراح الاسرى وإنهاء حرب الإبادة التي أعلن ترامب عن مرحلتها الأولى الليلة الماضية. ومن المتوقع أن يصوت وزراء “الصهيونية الدينية” و”عوتسما يهوديت” ضدها خلال اجتماع الحكومة المقرر عقده الليلة (الخميس)، بعد نحو ساعة من اجتماع المجلس الوزاري السياسي–الأمني.
أعلن ما يسمى وزير المالية سموتريتش صباح اليوم معارضته للصفقة بسبب الإفراج المتوقع عن الأسرى الفلسطينيين، لكنه لم يهدد بالاستقالة، وأعرب عن أمله في استئناف القتال بعد إطلاق سراح الاسرى. وقال: “صباحٌ مُعقّدٌ بمشاعر مختلطة، وفرحٌ غامرٌ بعودة جميع إخواننا الاسرى! لكنني أرفض الصفقات الجزئية التي ستترك نصفهم على الأقل في أنفاق العدو”. وأضاف أن من واجب إسرائيل “مواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها كاملة”، مؤكداً أن الضغط العسكري على غزة هو ما أدى إلى هذا التقدم.
سموتريتش أوضح أنه يخشى من “عواقب إخلاء السجون وإطلاق سراح الجيل القادم من قادة الإرهاب الذين سيواصلون سفك دماء اليهود”، مضيفاً: “لهذا السبب لا يمكننا المشاركة في احتفالات بطولية قصيرة الأمد والتصويت لصالح الصفقة”.
كما أعرب عن أمله في استئناف القتال بعد إطلاق سراح الاسرى، قائلاً: “يجب ألا تكون هناك صفقة اسرى مقابل وقف الحرب كما تتفاخر حماس. علينا أن نواصل القضاء على حماس ونزع سلاح غزة بالكامل حتى لا تشكل تهديداً لإسرائيل. وعلينا ضمان ألا نعود إلى مسار أوسلو أو نسلم أمننا لأيدٍ أجنبية”.
أما الوزيرة ستروك فرأت أن الاستقالة من الحكومة مطروحة، وقالت: “هناك إنجاز جزئي، وهو أننا استعدنا جميع الرهائن أحياء ونحن لا نزال في غزة. كما أن الاتفاق الدولي على نزع سلاح غزة إنجاز مهم”. وأشادت بحزبها معتبرة أن “دخول فيلادلفي ورفح كان ثمرة ضغطنا، كما أننا رفضنا العودة للاتفاق السابق الذي كان يقضي بإعادة المختطفين على دفعات صغيرة قبل انسحاب الجيش من القطاع”.
رغم ذلك، حذّرت ستروك من “بنود خطيرة” في الاتفاق الذي وصفته بـ”أوسلو 3″، زاعمة: “هذا تنازل عن أراضي أرض إسرائيل لأن غزة جزء منها. أشعر بخيبة أمل لأن نتنياهو لم يشرح ذلك لترامب. جوهر أوسلو هو تسليم الأمن لأيدٍ أجنبية، وهذه الصفقة تسمح لحماس بإلقاء سلاحها إن أرادت بدلاً من تدميرها”.
وأضافت: “هناك أجزاء من الاتفاق تتعارض مع شروط الحد الأدنى التي وضعها المجلس الوزاري، وتمثل تراجعاً كاملاً عن أهداف الحرب. لا أدري كيف يمكننا أخلاقياً البقاء في حكومة تطبق أوسلو الثالثة وتبعث بالجنود للقتال بينما تتخلى عن الأهداف”.
وأكدت “الصهيونية الدينية” و”عوتسما يهوديت” أن دعم الحكومة ممكن فقط إذا ضمنت الصفقة تحقيق أهداف الحرب كاملة: إطلاق سراح جميع الاسرى، القضاء على نظام حماس، وتفكيك قدراتها العسكرية.
في المقابل، لا يُستبعد أن تنجو الحكومة من هذه الهزة، لكن نتنياهو قد يبادر إلى انتخابات مبكرة ويطلق حملة انتخابية تحت شعار “انتصرنا في الحرب” على ثماني جبهات، في إطار المعركة المتفجرة على الروايات والوعي بعد توقيع الاتفاق.
ومع ذلك، يبقى خطر سقوط الحكومة قائماً في ظل تهديدات متزايدة من داخل الائتلاف بعدم التصويت على مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026 ما لم يتم تمرير قانون يعفي طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية، وهو مطلب صعب بعد حرب مكلفة ونقص آلاف الجنود في صفوف الجيش الإسرائيلي.