ارتفاع أسعار القبور ونقصها – عبء جديد يُثقل كاهل الغزيين

السياسي – لا تتوقف معاناة سكان قطاع غزة يوماً بعد يوم بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية والتي دخلت شهرها الـ 12 على التوالي، حيث خلفت العديد من الأزمات من بينها أزمة نقص القبور وامتلائها وكذلك ارتفاع أسعار حجارة البناء الخاصة بالقبور، في ظل ارتفاع حصيلة عدد الشهداء.

وتسببت أزمة نقص القبور، إلى لجوء المواطنين ذوي الشهداء والمتوفين إلى بناء قبور فوق قبور، وأحياناً إلى وضع أكثر من جثمان داخل القبر الواحد لتخفيف التكاليف.

-لا يوجد مساحات..

يقول السيد أبو عدي (50 عاماً)؛ والذي يعمل متطوعاً في حفر القبور بمقبرة البريج وسط القطاع، إن الأزمة تتمثل في عدم وجود قبور جاهزة للدفن كما السابق، حيث تم استعمالها جميعاً في ظل ارتفاع عدد الشهداء اليومي.

ويضيف : “ما قمنا بدفنه خلال 10 أشهر من الحرب، كنا سندفنه في سنتين أو ثلاثة، وهو ما أوجد أزمة نقص القبور”.

وأردف: “بالإضافة إلى امتلاء مساحة المقبرة، وبالتالي نضطر لدفن الجثث إلى جانب بعضها البعض في قبر واحد عندما تكون صلة القرابة من الدرجة الأولى”.

-ارتفاع الأسعار..

ويلفت، إلى أنه في بداية أيام الحرب كان هناك بعض القبور الجاهزة وكانت تمنح لدفن الشهداء مجاناً، وعقب امتلاء هذه القبور أصبح تجهيز القبر على ذوي المتوفي، حيث يكلف بناء القبر الواحد 300 شيقل تقريباً.

ويبين أن ارتفاع الأسعار يعود لارتفاع أسعار الحجارة؛ حيث وصل سعر الحجر ما يسمى “البفلة” إلى 5 شواكل بعد أن كان يباع بـ 1.5 شيكل فقط، وسعر البلاطة التي تستعمل لسقف القبر ارتفع إلى 45 شيكلا بعد أن كان يباع بـ 10 شواكل، وقد كان في بعض الأحيان سابقاً يمنح بالمجان من قبل أصحاب معامل الباطون حيث كان يصنع من الباطون الزائد بعد تصنيع الحجارة.

ويشير إلى أنه في بعض الأحيان وبسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تكون عند ذوي الشهيد، نلجأ إلى بناء القبور بواسطة جلب حجارة من المنازل المدمرة المستهدفة، وبناء سقف القبر بالخشب أو صفيح الزينكو.

-دفن تحت أزيز الرصاص..

وينوه “أبو عدي”، إلى تعمد الاحتلال في أغلب الأوقات إطلاق القذائف المدفعية واستهداف مقبرة البريج الجديدة كونها تقع شرق المخيم، وهو ما يجعل عمليات الحفر والدفن تتم بخطورة شديدة.

وفي السياق، يؤكد الشاب وسيم يزن (33 عاماً)، والذي كان يقوم بتجهيز قبراً لشقيقه وابن شقيقه واللذين استشهدا بقصف إسرائيلي على مدينة دير البلح الشهر الماضي، أنه تعرض للعديد من القذائف أثناء عمليات الحفر حيث استغرقت عملية الحفر معه ما يقارب الثلاث ساعات بسبب خطورة الأوضاع.

فيما يقول الشاب “مصعب. د” (25 عاماً)، والذي كان برفقة أقاربه يجهزون بعض القبور لدفن جثامين 6 شهداء ارتقوا بقصف إسرائيلي على مخيم البريج قبل حوالي شهر، إنهم تعرضوا للعديد من القذائف العشوائية التي كانت تسقط بمحيط المقبرة “ولولا عناية الله لارتقى منا شهداء جدد، حيث تمت عملية الحفر بصعوبة بالغة”.

وأفاد بأن تكلفة بناء القبور بلغت ما يقارب 1800 شيكل.

-الاحتلال استهدف 11 مقبرة..

وفي السياق، يؤكد مدير دائرة الدعوة المجتمعية والإلكترونية في وزارة الأوقاف يوسف أبو معيلق، تعرض 11 مقبرة من مقابر القطاع إلى التجريف والقصف والعبث من قبل جيش الاحتلال؛ دُمر منها 7 مقابر بشكل كامل و4 بشكل جزئي.

ويشير إلى أن قطاع غزة يشهد منذ سنوات تناقصا حادا في مساحات الدفن، وهي مشكلة تفاقمت بسبب الحرب على غزة والعدد الكبير من الشهداء اليومي.

ويلفت، إلى أن الاحتلال يتعمد تجريف المقابر لدوافعه العدوانية وتماشيا مع سياسته التي تحارب البشر والشجر والحجر، وزيادة في انتهاك وخرق القوانين والشرائع السماوية والأرضية.

-الدفن الجماعي في حالات الحروب..

ويوضح أبو معيلق، أن الأصل الشرعي في الدفن أن يكون لكل ميت قبر مستقل لوحده وألا يدفن معه آخرين وألا ينبش القبر إلا في حالات اضطرارية محدودة.

ويوضح أن الاستثناء في دفن أكثر من شخص معاً أو إنشاء قبور جماعية في حالات الحروب والأوبئة وكثرة الأموات، يبيح الشارع الحنيف بها رفعا للحرج والضيق عن المسلمين ويبقى نبش القبور محرما في الشرائع السماوية والقوانين الأرضية.

وتشير وزارة الأوقاف في بيان سابق لها، إلى أن قطاع غزة الذي يقطنه زهاء 2.2 مليون نسمة على مساحة 360 كيلومترا مربعًا، يستنزف زهاء 9 دونمات مقابر سنويا، ويكفي الدونم الواحد منها لـ 220 إلى 240 قبرا.

وأكدت: “في حين تعاني الوزارة منذ سنوات من أزمة حادة في توفير مساحات كافية من الأراضي لتخصيصها كمقابر، وقد عمقت الحرب من حدة الأزمة”.

شاهد أيضاً