استشهاد السنوار في الصحافة الإسرائيلية

ترجمة محمد أبو علان- 

كثير من الكلام قيل وكثيرةٌ هي التصريحات الإسرائيلية التي صدرت بعد استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار في اشتباك مع قوات الاحتلال في رفح، المستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال الإسرائيلي اعتبروا استشهاد السنوار إغلاق للحساب مع مهندس عملية طوفان الأقصى (السابع من أكتوبر إسرائيلياً)، ومنهم من اعتبر استشهاده فرصة للتقدم باتجاه صفقة تبادل أسرى، معتقدين أن استشهاده سيضعف حركة حماس، حتى وصل الأمر برئيس حكومة الاحتلال اعتبار استشهاد السنوار “بداية اليوم التالي لنهاية سلطة حماس في غزة”.

إلا أن المحللين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين كانت لبعضهم وجهات نظر مختلفة عن مكونات الدولة الرسمية السياسية والعسكرية، وإن عامل الزمن مهم في محاولة الاستفادة من استشهاد السنوار، بل هناك من اعتبر أن استشهاد السنوار سيدفع حركة حماس لمزيد من التشدد في مطالبها التفاوضية.

الدكتور ميخائيل ملشتاين رئيس قسم الدراسات الفلسطينية في مركز موشه ديان في جامعة تل أبيب كتب في يديعوت أحرنوت: استشهاد السنوار من أكبر الإنجازات في الحرب على غزة التي بدأت في السابع من أكتوبر، لا بل قد يكون أهم من اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله، فهو من خطط وقاد السابع من أكتوبر، واعتبرها مهمة حياته، وكان يريدها حدث تاريخي ينهي دولة إسرائيل.

وتابع ملشتاين عن السنوار: السنوار شكل رمزاً لكثير من الفلسطينيين، وهو من حدد أولويات الأجندة الوطنية الفلسطينية في السنوات الأخيرة، وهو صاحب الكلمة الأخيرة في إدارة الحرب وفي حكم وسلطة حماس في قطاع غزة، وفي كل ما يتعلق بمفاوضات صفقة تبادل الأسرى، اغتياله جاء في مرحلة معقدة ومركبة لحماس، وبعد عام من الحرب على غزة.

أما عن أثر استشهاد السنوار كتب ملشتاين: حتى بعد اغتيال السنوار، أعضاء التنظيم هم أناس متعصبون أيدلوجياً وعقائديون، وسيتمسكون بمبادئ الحركة، بالضبط كما كان بعد اغتيال قادة سابقون للحركة، مثل اغتيال احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي واحمد الجعبري، ولكن في ذات الوقت لم يستبعد ملشتاين أن يكون اغتيال السنوار فرصة للتقدم في مفاوضات صفقة التبادل، حيث أن الحركة في حالة صدمة حسب وصفه، والوقت عامل حاسم في هذا الموضوع.

رؤية جيش الاحتلال الإسرائيلي أن استشهاد السنوار خلق ظروف أفضل من أي وقت مضى خلال الحرب من أجل التوصل لصفقة تبادل أسرى، وتحسين الوضع الأمني في الشمال حسب ما كتبت صحيفة هآرتس، وإن حصار منطقة تل السلطان منع من السنوار الانتقال نحو الشمال، والتقديرات إنه قضى 90% من الوقت تحت الأرض في الأنفاق، وقتل وهو يحاول الانتقال لمنطقة المواصي.

وتقديرات الجيش أيضاً إنه لا يجب تفويت الفرصة التي توفرت من أجل التوصل لصفقة تبادل أسرى، خاصة أن حماس بعد محاولة إسرائيلية لإنقاذ أسرى في حزيران الماضي أصدرت التعليمات لعناصرها بقتل الأسرى الإسرائيليين إن كانت شكوك بوجود محاولة إسرائيلية لتحرير أسرى.

وعن الشريط من تصوير الطائرة الإسرائيلية المسيرة لقائد حماس يحيى السنوار قبيل استشهاده والذي عرضه للإعلام الناطق باسم الجيش الإسرائيلي كتب محرر الشؤون الفلسطينية في قناة كان العبرية أليئور ليفي: “التوثيق الذي يراه الإسرائيليون هو ليس ما يراه عناصر حماس، وعناصر الجهاد الإسلامي وحزب الله، هم يرون شخص حارب حتى اللحظة الأخيرة، وحتى قطرة الدم الأخيرة، وحتى وهو مصاب لا يَذل، السنوار تحول لأسطورة، لشخصية أكبر بكثير من الشخص نفسه، جيد إنه اغتيل، ولكن أي عملية اغتيال لن تغير شيء لأجيال قادمة، يجب القول أننا كإسرائيليين لا زال من الصعب علينا فهم حركة حماس”.

موقع واللا نيوز كتب تحت عنوان:” كيف نحول اغتيال السنوار من نجاح لانتصار”، اغتيال السنوار خبر عظيم بالنسبة لإسرائيل والإسرائيليين، ولكنه يشبه شريحة في كازينو، ما لم تحولها لمال تبقى شريحة بلاستيكية، علينا أن نعلم ما يجب علينا أن نعمله، الطريقة التي فقدنا فيها الزخم بعد اغتيال نصر الله لا تبشر بالخير.

السنوار قتل بالصدفة، القوات الإسرائيلية أطلقت النار على أشخاص اشتبهت بهم، وبعد إطلاق النار وقتلهم تبين أن أحدهم هو يحيى السنوار، ويرى الموقع العبري إنه يجب استغلال الفرصة بعد استشهاد السنوار، لا أن يفعل نتنياهو ما فعل بعد اغتيال نصر الله، بدلاً من مزيد الضغط على حزب الله، ركز على إدخال جدعون ساعر للحكومة من أجل أن يضمن سن قانون التهرب من الخدمة في الجيش.

بعد اغتيال نصر الله تعرضت إسرائيل لهجوم صاروخي إيراني دون رد حتى الآن، و(12) إسرائيلي قتلوا في مختلف أنحاء البلاد في عمليات، والجنود الإسرائيليين قتلوا ليس فقط في لبنان، وإنما في معسكر للجيش الإسرائيلي في الشمال، كل هذا رد على اغتيال نصر الله، وأثبت حزب الله قدرته على بناء نفسه من جديد وبسرعة كبيرة، وتحول من حزب تعرض لضربات قاسية، إلى حزب يرى بنفسه إنه قوي بما يكفي.

ويرى الموقع العبري أنه يجب الدمج بين اغتيال السنوار وعملية إدخال المساعدات لغزة، إن استمرت عملية دخول المساعدات بالشكل الذي كانت تدخل في حقائب الدولارات سيتحول اغتيال السنوار لعملية رمزية مثل اغتيال يحيى عياش واغتيال احمد ياسين، وكما كانت نتائج اغتيال نصر الله عكسية، حيث كان يفترض أن تقضي على الحزب كله.

ومن أجل تحويل اغتيال السنوار لنصر الساحة السياسية الإسرائيلية تحتاج لشخصيات سياسية مثل جنتس وأيزنكوت وليبرمان ولبيد حسب الموقع العبري، بقاء نتنياهو في تحالف مع سموتريش وبن جفير لن يحقق تقدم في قضية الأسرى الإسرائيليين، وفي تغير حكم حماس في القطاع، والضربة لإيران تحتاج لتفاهم مع السعودية حول اليوم التالي، ولا بد من التنسيق الكامل مع الأمريكيين في كل شيء ليكونوا شركاء لنا في الضربة لإيران.

وختم موقع واللا القراءة لعملية استشهاد السنوار بالقول: في يد إسرائيل القرار، إما تحويل اغتيال السنوار لفرصة حقيقية لتغير قواعد اللعبة، أو لمجرد حدث تاريخي كما يحصل أمام أعيننا بعد عملية اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله.

صحيفة إسرائيل اليوم العبرية المقربة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كتبت بعد استشهاد السنوار: تقديرات المستويات الإسرائيلية أن محمد السنوار شقيق يحيى السنوار هو من سيتولى إدارة حماس في قطاع غزة، ويرى مصدر سياسي إسرائيلي رفيع في تصريح للصحيفة: مقتل قائد حركة حماس فتح فرص لخيارات أخرى في موضوع تحرير الأسرى الإسرائيليين الذين نعمل على إعادتهم بكل الوسائل، ولكن هناك تشاؤم لدى الجهات الإسرائيلية من التوصل لاتفاق مع محمد السنوار، “هو ليس أقل تطرفاً من أخيه يحيى السنوار، بل هو إرهابي مثله”.

القناة 13 العبرية من جهتها كتب أنهم في إسرائيل في سباق مع الزمن من أجل محاولة التوصل لصفقة تبادل أسرى بعد الفرصة التي توفرت بمقتل قائد حركة حماس يحيى السنوار، مع إن حركة حماس قالت إن أي صفقة تبادل مشروطة بوقف الحرب وانسحاب إسرائيلي من القطاع، وادعت القناة أن مصادر مصرية قالت لها:” من الممكن فرض صفقة على حماس”.

الجدير ذكره أن كل الإعلام الإسرائيلي على مدار عام مضى روج رواية المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن السنوار مختبئ بالأنفاق، ويحيط نفسه بالأسرى الإسرائيليين لحماية نفسه، وكانت روايات إنه هرب لسيناء مع أسرى إسرائيليين عبر الأنفاق، ليتبين زيف وكذب الرواية الاستخبارية الإسرائيلية، وإن السنوار مع مقاتلي الحركة، وفوق الأرض، ولا يحيط نفسه بأسرى إسرائيليين، ومستعد للاشتباك والمواجهة في كل لحظة.

نقلا عن بالغراف