اعلام عبري: الأيام القليلة المقبلة ستكون شديدة وعنيفة

فتح الجيش الإسرائيلي أمام سكان غزة ما يسمى “بوابات الجحيم”، وسمع دويّ الانفجارات حتى وسط البلاد. في الجيش، هناك مخاوف من مشاهد المجاعة، والتي وُصفت بأنها “مشاهد صومالية”، خوفًا من أن “ينقلب العالم على إسرائيل”. كما أن هناك خشية من أن ينقلب سكان غزة أنفسهم على الجيش الإسرائيلي.

تحليل صحيفة معاريف : بعد أكثر من 600 يوم من القتال، يحاول الجيش الإسرائيلي كسر حركة حماس في غزة، وتحقيق تحرير 58 أسيرًا.

في إسرائيل، هناك إدراك بأن “حرب الأبد” لا يمكن أن تستمر لفترة أطول. وبعيدًا عن الأجندة السياسية للحكومة الإسرائيلية، هناك عدة اعتبارات لا بد لإسرائيل من أخذها بالحسبان فيما يتعلق بكيفية مواصلة إدارة الحرب. الساعة الرملية لانتهاء الحرب بدأت تعمل. والسؤالان الكبيران هما: كم من الوقت مُتاح لهذه المرحلة، وكيف ستُنفّذ إسرائيل خطوة النهاية؟

أولًا، القيود والضغوط:

بدأ المجتمع الدولي يضغط على إسرائيل. ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إسبانيا ودول أخرى تطالب علنًا بوقف الحرب. بعض هذه الدول بدأت بالفعل بالتوجه نحو فرض عقوبات على إسرائيل. في الوقت الحالي، الدرع الأساسي الذي يحمي إسرائيل هو الإدارة الأميركية، التي لا تزال تقف إلى جانبها وتمنحها غطاءً لعملياتها العسكرية.

لكن يجب التوقف هنا عند نقطتين أساسيتين:

الأميركيون يتقدمون في المفاوضات مع إيران. الهدوء الذي يمنحونه لإسرائيل في ساحة غزة هو الثمن الذي هم على استعداد لدفعه مؤقتًا، حتى لا تتدخل إسرائيل أو تعرقل المحادثات مع إيران.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يزال يسمح باستمرار العمليات العسكرية، لكن من غير المستبعد أن يصحو صباح الغد، أو بعد غد، وقد غيّر موقفه – وعندها سيتغير المشهد كليًا.

عامل إضافي قد يؤثر هو فقدان حماس للسيطرة في داخل غزة.

الفوضى في القطاع على وشك الانفجار. السيناريو الأسوأ الذي يخشاه الجيش الإسرائيلي هو أن يتحول الغضب الشعبي في غزة ضد قواته. الجيش يشير إلى أن “حاجز الخوف” لدى سكان غزة من حماس قد انكسر. وإذا كُسر هذا الحاجز أيضًا تجاه الجيش الإسرائيلي، فقد تجد إسرائيل نفسها في وضع لا ترغب فيه.

وفوق كل ذلك، هناك القلق من أن مشاهد الفوضى والمجاعة – ما يُسمى في الجيش بـ”مشاهد صومالية” – قد تؤدي إلى انتفاضة عالمية ضد إسرائيل، بكل ما يترتب على ذلك.

الجيش يدرك هذا الواقع، ولذلك نفّذ خلال نهاية الأسبوع خطوات دراماتيكية في غزة. من ذلك، تم إجلاء مئات الآلاف من شمال القطاع نحو مدينة غزة جنوبًا.

حاليًا، يتم تنفيذ مناورة في خمس مناطق:

في رفح: تُستكمل عملية تطهير المدينة، خاصة في أحياء تل السلطان، الشابورة وجنينه.

في خانيونس: تم إخلاء أكثر من 250 ألف نسمة باتجاه منطقة المواصي. العمليات الجارية الآن بواسطة الفرقتين 36 و98 تهدف إلى حسم المعركة ضد لواء خانيونس، بنفس الطريقة التي تم بها في رفح.

هذه القوات تستخدم نيرانًا كثيفة من الطائرات، المدفعية، الدبابات، والصواريخ الدقيقة.

الفرقة 162 والفرقتان 99 وفرقة غزة تنفذ عمليات مشابهة في ثلاثة محاور قتال في شمال القطاع، أبرزها في منطقة جباليا.

شدة القصف في شمال القطاع هائلة. الجيش الإسرائيلي يهاجم هناك بثلاثة أبعاد: من الجو، من الأرض، ومن البحر. دويّ الانفجارات سُمع بوضوح خلال نهاية الأسبوع ليس فقط في غلاف غزة وأشكلون، بل أيضًا في ريشون لتسيون وبات يام. الجيش الإسرائيلي فتح أمام الغزيين “بوابات الجحيم”.

حماس تدرك أنها محاصَرة، وتعرف أن وقف إطلاق النار قد ينقذ ما تبقى من نظامها وكوادرها.

لكن هنا أيضًا يجب الإشارة إلى نقطتين:

نحن نتحدث عن تنظيم سلفي جهادي متطرف للغاية، يؤمن بـ”الجهاد” و”الشهادة”. لذلك لا يمكن تحليل سلوكه بعقلية غربية عقلانية.

حماس تؤمن أنه كلما ساء الوضع في غزة، ازداد الضغط على إسرائيل، وهو ما سيؤدي إلى إنقاذها في اللحظة الأخيرة قبل انهيارها التام.

حماس تتحرك حاليًا بين تهديدين:

الأول: آلة الحرب الإسرائيلية القوية.

الثاني: السكان في غزة أنفسهم، الذين قد ينقلبون عليها في أي لحظة.

فقدان حماس السيطرة على توزيع الطعام يمثل نقطة تحول خطيرة في وجه التهديد الداخلي.

في إسرائيل، يتم رصد ضائقة حماس بدقة. ولهذا السبب بالضبط، ينفذ الجيش في الأيام الأخيرة حملة وعي على سكان غزة، في محاولة لفصلهم عن ارتباطهم بحماس.

يُنفّذ ذلك بالتوازي مع السيطرة على مناطق داخل غزة، واستهداف القيادات والبنى التحتية للحركة.

حتى الآن، لا أحد في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يعرف ما الذي سيحدث أولًا:

هل سترفع حماس الراية البيضاء وتقبل بالمقترح الأميركي؟

هل سينهض سكان غزة ويُسقطوا ما تبقى من قيادة ومؤسسات حماس في مدينة غزة؟

أم أن الأميركيين، تحت ضغط الدول الأوروبية، سيفرضون على إسرائيل وقف الحرب؟

الأيام القليلة المقبلة ستكون عنيفة للغاية في غزة، ودوي الانفجارات سيُسمع أيضًا في وسط إسرائيل.

حتى صباح اليوم، لا أحد يمتلك سيناريو نهائيًا لكيفية انتهاء هذه الحرب، التي تدخل اليوم يومها الـ604.