الأحداث الجيوسياسية في الشرق الأوسط: تحليل شامل

بن معمر الحاج عيسى

في ظل الأوضاع المتغيرة والمتسارعة على الصعيد الإقليمي والقاري، تبرز العديد من الأحداث والتطورات التي تستدعي الوقوف عندها وتحليلها بعمق. بدءًا من إشاعة وفاة الملك المغربي محمد السادس، والتي شغلت العالم وعرفت تداولًا رهيبًا على المنصات والوسائط الاجتماعية، هذه الإشاعة التي أطلقها موقع هيسبراس المغربي، التابع للمخابرات المغربية، جاءت في الأساس بتمويل إماراتي. وقد كانت الغاية منها صرف الأنظار والتغطية على الفشل الذريع للدبلوماسية المغربية بعد الضربة القاضية التي وجهتها الجزائر للمخزن وفرنسا داخل أروقة الاتحاد الإفريقي، وذلك بعد فوز الجزائر برئاسة المفوضية الإفريقية، في إنجاز تاريخي وغير مسبوق.

هذا الإنجاز سيعيد رسم المعادلة الجيوسياسية داخل القارة السمراء، ويعتبر صفعة مدوية لفرنسا التي لطالما راهنت على المخزن لتمرير أجندتها الإمبريالية داخل المنظمات التابعة للاتحاد الإفريقي. إن هذا الإنجاز الدبلوماسي الجزائري يعكس الدور الريادي الذي أصبحت الجزائر تلعبه على الصعيدين السياسي والاقتصادي، في رسم قواعد جديدة لما يعرف بالتوازن الإقليمي، تحت شعار “إفريقيا للأفارقة”، والوقوف بحزم وعزم أمام سياسة الوصاية التي لطالما انتهجتها الأطراف الاستعمارية عبر أذنابها وعملائها.
الجزائر التي لطالما سعت إلى تصحيح المسار….وفق ديناميكية إقتصادية…تشاركية… تقوم على أساس رايح رابح

كما عرفت القضية الفلسطينية تطورًا خطيرًا، حيث جاءت التصريحات الإماراتية عبر سفيرها في واشنطن ترحيبًا وتعقيبًا على خطة ترامب المثيرة للجدل حول مقترح تهجير أهل غزة، قائلًا إنه الخيار الأمثل والوحيد لحل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. هذه التصريحات الاستفزازية جاءت عقب زيارة الملك الأردني لأمريكا، ورفض العربي الشعبي والرسمي لهذا المشروع، مما يطرح الكثير حول الدور الذي تريد الإمارات لعبه في المرحلة القادمة، ولمن ولما وكيف ولماذا؟! لا سيما أن كل من السعودية ومصر ترفضان هذا الأمر جملةً وتفصيلًا.
أم أن هنالك صفقة تحت الطاولة..تطبخ في القاعات المظلة سيس بيكو…ثانية

في هذا السياق، نجد اقتراح أردوغان بنقل الفلسطينيين إلى سوريا،الذي تناقلته صحف عبرية وعربية وفق تسريبات على موقع ويكليكس يعكس الدهن الامحدود والامشروط المقدم للجولاني، من طرف العديد من الأطراف الإقليمية ذات التوجه الإخواني على غرار تركيا وقطر الذي أصبح يقلقهم التقارب المصري الصيني الإيراني، في الأونة الأخيرة … لتتشابك هذه الأحداث وتشكّل لوحة معقدة من التوترات والمصالح المتضاربة

عودة لتصريحات السفير الإماراتي التي تؤكد عدم وجود بديل لفكرة ترامب بشأن قضية التهجير. هذه التصريحات تعكس استراتيجية إماراتية تهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق السياسية في المنطقة، حيث تسعى الإمارات إلى سحب البساط من تحت أقدام مصر والأردن. إن تقديم الإمارات نفسها كبديل في المفاوضات المقبلة بين الكيان الإسرائيلي وحماس يُظهر رغبتها في تعزيز دورها كوسيط رئيسي في الصراعات الإقليمية، وهو ما قد يؤدي إلى تغيير الديناميكيات التقليدية في المنطقة.هذه التصريحات …تتقاطع تقاطع وثيق مع الفكرة والرأى التركية التي يروج لها أردوغان بنقل الفلسطينيين من غزة إلى سوريا، فإن هذا الاقتراح يُعتبر مناورة إسرائيلية تُستخدم عبر تركيا. إن هذا النوع من الاقتراحات يهدف إلى تفكيك القضية الفلسطينية وتغيير التركيبة السكانية في المنطقة، مما يعكس استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تقويض الحقوق الفلسطينية وتقليل الضغط على الكيان الإسرائيلي….حسب عرابيه الذي يسارعون الوقت من أجل إنقاذ الكيان من الإنهيار…

من جهة أخرى، يأتي الدعم المطلق للجولاني كجزء من خطة أكبر تهدف إلى إضعاف إيران وتطويق المقاومة الفلسطينية وحزب الله. إن هذا الدعم ليس مجرد مسألة عابرة، بل هو استجابة للتغيرات السياسية في المنطقة والتي تسعى تركيا وقطر إلى تحقيقيه عبر مشروع الغاز القطري التركي العابر لسوريا والذي يراهن عليه أردوغان من اجل الضغط على للإتحاد، الأروبي من اجل الدخول للإتحاد الأروبي قبل نهاية ولايته ..رغم الرفض المعلن من طرف كل من فرنسا ألمانيا و إيطاليا…. هذا المشروع الذي قد يكون مأله الفشل لأنه يهدد المصالح الروسية في الأساس … وهذا السبب الرئيس الذي دفعهما إلى دعم تنظيم النصرة من أجل إسقاط النظام السوري ممثلا في بشار الأسد الحليف الإسترتيجي في المنطقة الدب الروسي والذي رفض هذا المشروع لسنوات
..هذه النوايا هي دفعت الإدارة الروسية لقبول دخول مصر والسعودية إلى مجموعة البريكس. هذا التحالف الجديد يثير قلق بعض الأطراف مثل وقطر وتركيا، التي تسعى لتطويق مصر من الجهة الغربية عبر ليبيا. تحت رعاية صهيونية أمريكية….التي لم تهظم التقارب السعودي المصري …الصيني الروسي وعودة الحرب الباردة

في خضم هذه الإنعكاسات يُظهر التقارب المصري الصيني الإيراني الذي يبعث القلق المتزايد لدى العديد من الأطراف. بعد الزيارة التاريخية لرئيس المصري السيسي لإيران تُعتبر خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز إعادة العلاقة بين السعودية وإيران، وإذابت الجليد بين البلدين برعاية مصرية طبعا كانت بمثابة إعلان شق عصا الطاعة .. في وجه الإدارة الأمريكية مما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في موازين القوى في المنطقة. إن هذه الديناميكيات الجديدة قد تفتح آفاقًا جديدة للتعاون الإقليمي، لكنها أيضًا تحمل في طياتها مخاطر كبيرة من التصعيد والصراع.

في الختام، إن الأحداث الجيوسياسية في كل من إفريقيا والشرق الأوسط تتطلب منا تحليلًا دقيقًا وفهمًا عميقًا للعلاقات المعقدة بين الدول والجهات الفاعلة. إن هذه الديناميكيات المتشابكة تشير إلى أن المنطقة والعالم مقبلان على تحولات كبيرة، قد تؤثر بشكل عميق على اللعبة الجيوسياسية وقد تعيد رسم خريطة العالم لا مكان فيه إلا للقوى…..لايعترف إلا بمنطق ..المال….بعيدا على كل ما كان يعرف من إيدلوجيات….ونظريات…..أصبحت من الماضي

تابعنا عبر:

شاهد أيضاً