“الأضاحي البشرية” في خطاب “إسماعيل هنية”

موفق مطر

لا يقوى رؤوس حماس على التحرر من منهج الخداع المتأصل في أدبيات ومفاهيم جماعة الإخوان المسلمين، فتراهم ينقلبون على مواقفهم التي نطقوها بألسنتهم، ويتقلبون لتأمين الراحة لذواتهم والمقربين منهم، على حساب مئات الآلاف من الشهداء والجرحى من الشعب الفلسطيني، والدمار الفظيع اللامسبوق لمقدرات وأرزاق وأملاك ملايين المواطنين ومؤسسات دولة فلسطين، فرؤوس حماس يرون ضحايا سياستهم العبثية مشروع (أضاحي بشرية) مشرعة للذبح وقتما وكيفما يشاءون، ليس هذا وحسب، بل يهدون دماء هذه الأضاحي البشرية الفلسطينية وهي الأغلى من كنوز العالم إلى أربابهم الفارسيين، لضمان سيولة المال، والحصول على شهادة (التشيع السياسي) رغم انعكاسات سياستهم المنعكسة دمارا وتشديدا للحصار على الشعب الفلسطيني، وضربا لركائز المصالح الوطنية العليا، وهذا ما أكده رئيس سياسة حماس اسماعيل هنية في كلمته صبيحة إتمام المسلمين الركن الأساس من الحج، بالوقوف على جبل عرفات (صعيد عرفة) بنفوس إنسانية طاهرة ونقية، وقلوب نابضة بالإيمان، ليثبت أنه ورؤوس حماس كرؤوس منظومة الاحتلال الصهيوني، لا يكترثون لروح ونفس الإنسان التي قدسها الله، فمن قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا “ومن أحياها كأنما أحيا الناس جميعا”.. فإسماعيل هنية القائل يوما: “إننا نريد هذه الدماء لكشف الطبيعة العدوانية لإسرائيل” لا يكف عن محاولات زج الحق الفلسطيني (قضية فلسطين العادلة) كسلعة في سوق المتنافسين الدوليين على الاستحواذ على مناطق نفوذ واحتلال مباشر وغير مباشر في وطننا العربي، كاشفا عن أسوأ تناقض في مكونات شخصية واحدة، فهو يعمل على توريط الدول العربية في حروب غير محسوبة بدقة مع دولة الاحتلال (إسرائيل)! عندما دعا إلى: “تصعيد وتطوير مواجهتها مع العدو” لكنه بنفس اللحظة تحدث عن “مرونة “جماعته” و”موقفها الإيجابي” مع مقترح بايدن لإيقاف إطلاق النار، والمتضمن صفقة بخصوص الأسرى والرهائن، علما أن حماس كانت قد اعتبرت بايدن شريكا لإسرائيل في حملة الإبادة على غزة! وهذا يعني تحقيق مصلحة إيران في رؤية دول عربية في وضع كارثي يمكنها من تحقيق أهدافها، كما حدث لبلدان عربية خلال العقد الماضي!
أما وأن حماس المسلحة قد أعلنت “بداية التحرير في 7 أكتوبر، وسخر ناطقها بعبارة: “لا سمح الله” من الدول العربية في إشارة إلى أنهم لا يريدون مساعدة من الجيوش العربية “فإن هنية بعد ثمانية أشهر طالب: “الجميع بإجبار إسرائيل على فتح معبر رفح” المحتل!! وأمعن في ضرب مبدأ فلسطين: عدم التدخل بشؤون الدول العربية، عندما نصب نفسه وكيلا عن الشعب اللبناني ودولته وحكومته، وقرر سلفا: أن مصير الوضع في جنوب لبنان مرتبط بإيقاف اطلاق النار في غزة، وبذلك يحشر فلسطين التي تحتاج لمواقف إيجابية من الجميع في قضايا لبنان الخاصة والداخلية، ما يعني استدراج مواقف سلبية ستؤثر حتما على الوضع العام للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ذهب هنية إلى حد منح نتنياهو ذريعة إضافية على طبق من ذهب، تمنحه دفعة في هذا الوقت بالذات لترويج ادعاء المنظومة الصهيونية بأن: إسرائيل تواجه حربا دينية، عندما استخدم مصطلح “الجهاد في سبيل الله” في تقرير الشراكة مع جماعات وتنظيمات في دول عربية، إلى جانب “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” قافزا عن أدبيات الكفاح والنضال الوطني التحرري الفلسطيني من أجل انتزاع الحرية والاستقلال، التي اعتمدتها حركة التحرر الوطنية الفلسطينية في منهج الخطاب السياسي الوطني والعربي والعالمي.
أما كلامه عن “شعب غزة”، كجزء منفصل عن الكل الفلسطيني، فهو انعكاس للعقلية الفئوية الانقلابية الانفصالية، ضاربا مضمون الخطاب الوطني بمقتل! فالشعب الفلسطيني يتعرض لحملة إبادة ذروتها الدموية والمدمرة في قطاع غزة.

شاهد أيضاً