لو لم يخرج الشعب المصرى فى 30 يونيو 2013 بأقوى عزيمة على إسقاط حكم الإخوان، لكانت هذه علامة سلبية على وعيه العام وعلى قدرة جماهيره ونخبه على حماية بلدهم! ذلك، لأن كل سياسات الإخوان أكَّدَت، بعد أشهر قليلة فقط من نجاح مؤامرتهم فى توصيل ممثلهم إلى القصر الجمهورى، إنهم يسعون بكل طاقتهم لإجهاض ثورة يناير 2011، بتحطيم أى أمل فى الديمقراطية وفى محاربة الفساد، بفرض سيطرتهم على كل مفاصل السلطة فى مصر، برلمان بغرفتيه ومجالس محلية، وسعارهم لفرض سطوتهم على كل الصحف والتليفزيونات، مع عداء لكل السلطات الدستورية حتى القضائية، وتهديد للوحدة الوطنية، مع دسّ مندوبيهم المدربين على السمع والطاعة فى الأجهزة السيادية، مع عنف ضد التظاهرات السلمية إلى حد القتل..إلخ. وهكذا وقبل أن يمضى عام واحد على حُكمهم، تكشفت خطورتهم، ليس فقط فى البقاء بالحكم 400 عام، كما قال بعضهم، ولكن فى التهاون فى استقلال البلاد والرضوخ لقوى أجنبية، فى تبديد لواحد من أهم إنجازات مصر فى تاريخها الحديث، الذى كان الإطاحة بمبارك أحد أسبابه. لقد ارتكب الإخوان أخطر الجرائم التى أجهضت سريعاً شعارات ثورة يناير، بل وهددت الشعب المصرى بما هو أسوأ كثيراً مما ثار ضده! انظر كيف تسللوا للانقضاض على الثورة، رغم أنهم رفضوا الاشتراك فى مسيراتها الأولى ضد حكم مبارك، وكانت حجتهم أنها (كلام عيال)، ثم عندما تأكدوا من قرب انتصارها، رَكبُوا الموجة، وعَلَت هتافاتُهم، والتقطوا لأنفسهم الصور وهم على أكتاف متظاهريهم وأمام ميكروفونات منصات أقاموها فى الميادين، ورَوَّجت لهم فضائيات متواطئة فى المؤامرة، وتصدروا الأخبار بشهادات زور بأنه لولاهم لما نجحت الثورة، فى حين أنهم كانوا يتآمرون سراً على إجهاضها، فكانت خدعتهم الأولى بشعار (المُشارَكَة لا المُغالَبة)، ليُوهموا الجميع بأنهم ينوون التعاون معهم فى تحقيق أهداف الثورة، ولكنهم، عملياً، اقترفوا، ضد أنفسهم قبل أن تكون ضد الثورة، أكبر حماقة سياسية، بالخداع والسعى للسيطرة على كل شيء، وعلى العَجَلَة فى كل ذلك، فدفعوا الجميع بالإسراع فى التخلص منهم، وكان الذكاء الجمعى من عشرات ملايين المتظاهرين ضدهم أن نادوا الجيش بإنقاذ مصر، فلبَّى الجيشُ النداء!!
* نقلا عن “المدى”