الإذاعات العربية.. نصرة فلسطين روح العرب

موفق مطر

 

ترقى وتسمو العروبة بمضمونها الحضاري الإنساني عندما يتجاوز أهل الثقافة والأدب والإعلام حواجز الشعارات السياسية، ويمنحون أسماء أوطانهم مساحات وفضاء بلا حدود، لتصبح حدود بلادهم الجغرافية المثبتة في دساتير بلادهم مجرد علامات سيادية، تصونها العقول المتحررة، والكاسرة للرواسب، التي راكمتها دول وقوى طامعة، يضرها رؤية الإنسان العربي مبدعا، فاعلا، وعاملا في بناء صرح أمة الإنسان..ونعتقد حتى اليقين أن اتحادا عربيا، أو عملا عربيا مشتركا في مسارات الحياة دون استثناء، يتوج بعنوان سياسي ما، يمكن أن يحفظ لشعوب ودول الأمة العربية مصالحها مجتمعة، والمصالح العليا لكل منها، يقوم أساسا على قاعدة صلبة، عمادها الإنسان العربي المثقف، صاحب الخطاب والرسالة الإنسانية النبيلة، وبما أن الإعلام بكل أنواعه، يعمل على تأسيس شخصية العربي الإنسانية، ويساهم في تشكيل وعيه وإدراكه لقضايا مجتمعه ووطنه الصغير والكبير على حد سواء، ويمنحه فرصة المشاركة الإيجابية والفاعلة، في تقديم الرؤى والأفكار، والمعالجة، ونظم الحلول الخلاقة، لتسريع الاندماج مع مكونات أمة الإنسان بأعراقها وأجناسها وألوانها وثقافاتها، فإن اتحاد الإذاعات العربية سيبقى أحد المختبرات العملية اللازمة لإنتاج الطاقة النقية، الحيوية، لإبقاء روح العروبة الإنسانية الحضارية نبضا لقلب العربي، ومنبعا لعقلانية، وأفكار تنويرية لازمة لدفع عجلة النهضة العربية.. والانتصار لقضايا، وفي مركزها “الحق الفلسطيني” وهذا ما عشناه حقيقة واقعة خلال أربعة أيام(26-29) حزيران/ جوان الماضي، في تونس الحبيبة (مقر الاتحاد) حيث انطلق المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون (الدورة 24) تحت عنوان “نصرة فلسطين”..وهذا ما نعتبره انعكاسا لإيمان عميق، بمكانة فلسطين والحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني، في عقول وقلوب الأخوة العرب، وتحديدا لدى رسل الحقيقة وتشكيل الوعي المتقدم (الصحفيين والإعلاميين والفنانين)، وقد تشرفت بالمشاركة، وتكريم الاتحاد، باعتباري رئيسا للجنة تحكيم في صنف البرامج الحوارية والتقارير الإخبارية والإعلام الجديد، أما الأهم فهو سيادة الضمير المهني والأخلاقي في تقييم المواد الإعلامية المتنافسة في المسابقة السنوية، وهذا ما نعتبره تكريما للإعلام العربي، ولمستواه المتقدم والمتطور دائما.فعملية تحكيم المسابقات الإذاعية والتلفزيونية تتم عن بُعْد، عبر منصة تحكيم إلكتروني للاتحاد، وقد عهدت الإدارة العامة للاتحاد بها إلى خبراء مستقلّين من أصحاب الاختصاص والخبرة في مجالات الدراما والبرامج والأخبار من بلدان عربية..ونعتقد بتميز تحكيم وتقييم المسابقات الإذاعية والتلفزيونية للمهرجان بالمصداقية والحياد والموضوعية، وهذا ما لمسناه فعلا خلال تحكيمنا في الدورتين (23 و24) الأمر الذي يمنح الثقة لهذه التظاهرة الإعلامية والفنية والتكنولوجية، بكل أصنافها، الرئيسية منها والموازية على حدٍّ سواء..فلا مجال هنا للمجاملة على حساب مبادئ وأهداف الاتحاد النبيلة، ونعتقد أن الاتحاد معني بأن تكون النتائج (الفوز) معيارا لقياس مستوى ارتقاء هيئات الإذاعة والتلفزيون العربية الأعضاء والإعلامية المشاركة أيضا، وعملها الجاد لتأكيد مبادئ وأهداف اتحاد الاذاعات العربية. وتطوير أدواتها التقنية، ومواكبة تقنية الاتصال البصري الأحدث، والتصوير الاحترافي والموضوعي الممتاز، وكذلك الإخراج برؤية إبداعية على مبدأ السهل الممتنع، ووضع المتلقي لحظة بلحظة في قالب فكرة وموضوع الرسالة الإعلامية باستخدام التسميات والترجمة التوضيحية subtitles captions الأمر الذي سيسهل بلوغ الرسالة للمتلقي العربي من المحيط إلى الخليج وفي بلاد العالم.. ومعيارا لقياس جمال الفكرة أيا كان موضوعها، ومنحها ما يلزم من النقاش والحوار العقلاني، وتقديمها للمتلقي في إطار معلومات كمية متناسبة مع مساحة الرسالة الإعلامية الزمنية. ولقياس القدرة على صياغة رؤية جديدة للإعلام العربي مستندة إلى مبادئ: الحق في التعبير، والرأي الحر، والحوار الموضوعي، العقلاني، واستخدام وسيلة الإعلام كعامل تثقيف وتنوير، ورفع مؤشر الوعي لدى الجمهور.. فوسيلة الإعلام أيا كان منهجها وصنفها، أداة تبشير برسالة السلام والبناء والتقدم، وتنتصر لمبدأ الحوار العقلاني ومناقشة القضايا بانفتاح، لذلك تنبذ الصراعات الداخلية المدمرة للهوية الوطنية والعربية الإنسانية..ويبقى أن نؤكد أن فلسطين قد فازت بكل جوائز المهرجان، لأنها كانت ولا تزال روح العرب.

شاهد أيضاً