الإعلام والإبداع: صناعة الوعي:

بقلم : عماد خالد رحمة _ برلين.

_ الإبداع بين التراث والغرب:

من يقرأ الصورة التي يرسمها الإبداع الأدبي يجدها تتحرك بمختلف أشكالها داخل ثقافة عربية تتميز بتجاذب هائل بين التراث والمعاصرة، وبين الذات العربية والغرب. وقد نشأت الحركة الأدبية نتيجة اللقاء التاريخي غير المتكافئ بين المجتمع العربي والحداثة الغربية في تعبيراتها الهيمنية والاستلابية.
_ هيمنة الإعلام في العصر الحديث:
يتميز عالم اليوم بسيطرة وسائل الإعلام على نحو غير مسبوق في تاريخ البشرية. ومع تنوع هذه الوسائل وتطورها المستمر، فإنها تجاوزت دورها الإخباري والتثقيفي إلى التأثير المباشر في توجيه السلوك وتغيير الرأي والاتجاه، وصناعة الظواهر الاجتماعية والفكرية.
_ صناعة الصور النمطية:
لقد ساهم الإعلام في ترسيخ صور نمطية خطيرة: الشعوب البدائية، الهنود الحمر، أسطورة “اليهودي المضطهد”، وصورة “العربي الإرهابي”. هذه الصور تكشف قدرة الإعلام على صناعة الواقع وتعميق الفكر المستلب، بما يؤدي إلى فقدان القوى الناقدة والاستسلام للأحكام المسبقة.
_ الإعلام كسلاح مزدوج:
وسائل الإعلام ليست سلبية بالمطلق؛ فهي سلاح ذو حدين. فبقدر ما تُمكّن القوى المهيمنة من استغلالها ضد معارك التحرر، فإنها يمكن أن تكون أداة للتنوير والتثقيف وخدمة القضايا الإنسانية. غير أن المواطن العربي في ظل التخلف وغياب الديمقراطية يبقى معرّضاً للتأثير السلبي الناجم عن هذا التوظيف الاستغلالي.
الإبداع والإعلام: إشكالية العلاقة:
الهدف هنا ليس الإجابة عن قضايا كبرى مثل تحرير الإعلام من سلطة الدولة، بل طرح إشكالية العلاقة بين الإبداع الأدبي والفني من جهة، ووسائل الإعلام من جهة أخرى: كيف تتجلى هذه العلاقة؟ وما شروط إيجابيتها؟
_ مهام المبدع في عصر الإنترنت:
في عصر الإنترنت المدهش، تقع على عاتق الأدباء والفنانين مهمة تحليل الواقع العربي ورفع مستوى الوعي الفردي والجماعي، والدفع بحركة التحرر العربي نحو مصيرها الوحدوي. وهذا الالتزام لا يعني فرض قوالب جاهزة على الإبداع، بل يعزز حرية المبدع وحضوره الاجتماعي.
_أزمة الفنون في الواقع العربي:
تعاني الفنون العربية، كالفن التشكيلي والسينما، من مشكلات الاعتراف والشرعية. فالسينما مثلاً، رغم كونها وسيلة اتصال وإبداعية، غالباً ما تقع في فخ الابتذال أو القطرية الضيقة، وتفشل في توظيف الأدب الروائي والقصصي كما ينبغي لتنوير المجتمع.
_الإعلام الثقافي بين الإيجابيات والسلبيات:
تلعب الملاحق الثقافية والدوريات دوراً مهماً في التعريف بالإبداع وفتح مساحات للنقد والحوار. لكنها تعاني من التفتت والتقوقع داخل معسكرات سياسية أو أيديولوجية، مما ينعكس سلباً على التقييم ويشيع القيم المعكوسة.
_نحو ثقافة عربية موحدة:
إن علاقة الإعلام الثقافي بالإبداع الأدبي والفني، رغم ما تحمله من إيجابيات، تفرض الحاجة إلى حوار منظم بين الصحف والمجلات الثقافية ذات الأهداف المشتركة، بعيداً عن الولاءات الضيقة. الهدف هو بناء ثقافة عربية موحدة، منفتحة على ثقافات العالم، قائمة على الحرية والديمقراطية والتحرر من الاستغلال.