مفهوم عرفته منذ زمن ليس بالبعيد، وأقتنعت به تماما. فلو استمر الاحتلال الصهيوني لأرضنا مئات السنيين، لن ينجح في تغيير هوية أرضنا الفلسطينية العربية، مهما استجلب من “العابرون” من شتى أنحاء الأرض،
لن يمكنه فعل ذلك طالما هنالك فلسطينيون يستوعبون حيوية وضرورة الحفاظ على الذات والبقاء تحت كل الظروف، فنحن أصحاب الأرض التاريخيين والأصليين، أرض كنعان، وبغيرنا ستفقد هويتها. أما الدليل على فشل الاستعمار في شطبنا، فهو في استمرار هوية أرضنا وشعبنا الفلسطينية النضالية والسياسية وفي ديمومة وطنيتنا وقضيتنا وثورات شعبنا الممتدة منذ ما قبل النكبة.
ومن الأدلة أيضا، “الهوية الأمريكية” التي لا أصل لها في الحقيقة، مثلا، فهي مصطنعة وتقوم على مصالح اقتصادية بالدرجة الأولى، وعلى حساب ما يعرفه البشر من أخلاق وقيم نبيلة، ولو استطاع (الهندي الأحمر، كما لقبوه) استيعاب مفهوم الهوية والصمود والبقاء وعمل على ايجاد مظلته السياسية لما تكمنوا من حشره في “محميات” جعلوها مكانا يفرض الانقراض !! ولما تمكنوا من سلبه إرادته وقدرته على الصمود والبقاء والنضال بكل أشكاله، ما يحاولون فعله معنا بالضبط ومنذ البداية.
ومع وضوح هذا، وللأسف، ها هم أناس منا وفينا يساعدونهم، عن علم أو عن جهالة، من تحت شعارات نبيلة ورنانة وبدعم من قوى وأنظمة وظيفية. وما يجري في غزتنا ليس إلا دليلا لا يمكنهم ضحده، فكيف يجتمع (الأعداء) على استمرار جرائم الإبادة تمهيدا للتهجير والتطهير العرقي ؟ وكيف يقبل فلسطيني وعربي بذلك إن لم يكن في الأمر تواطؤ ما ؟
فهل يستوي من يخدم الصمود والبقاء والتمثيل السياسي ويستوعب أن الانسان هو هوية المكان…، ومن يخدم إضعاف وتفتيت بنية هويتنا وقضيتنا السياسية المتمثلة في م ت ف، ويخدم التطهير العرقي الذي يسلب أرضه هويتها، وتفتيت هوية شعبه الوطنية والسياسية بتزويد الاستعمار بالذرائع التي يحتاجها حتما؟ وهل ستدرك قُطعان الدهماء والزومبي ما يجري يوما؟! أتمنى ذلك.
29/شوال (10)/1446 للهجرة.