السياسي – هاجم الفائز بجائزة نوبل للسلام المصري محمد البرادعي السياسة الألمانية تجاه الصراع في الشرق الأوسط، متهمًا برلين بـ”عدم تعلّم دروس التاريخ” في تعاملها مع الأزمة في قطاع غزة.
البرادعي، البالغ من العمر 83 عامًا، والذي شغل منصب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بين 1997 و2009، وجّه انتقادات لاذعة لدعم ألمانيا “غير النقدي” لإسرائيل، محذرًا من أن هذا الموقف يُساهم في “تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم”. في الوقت نفسه، تثير خطة أمريكية جديدة لتوزيع المساعدات في غزة جدلًا واسعًا، حيث ترفضها الأمم المتحدة وتدعمها إسرائيل، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والإنساني.
وفي مقابلة مع مجلة “شتيرن” الألمانية، قال البرادعي إن ألمانيا، التي تتحمّل مسؤولية تاريخية بسبب المحرقة، كان يُفترض بها أن تكون أكثر حساسية تجاه أي مأساة إنسانية جديدة.
وأضاف: “كنت أتوقّع من ألمانيا أن تستخلص من تاريخها واجبًا أخلاقيًا لمنع أي إبادة جديدة”.
وانتقد البرادعي موقف برلين الذي يرى أنه يركّز فقط على دعم إسرائيل دون النظر إلى معاناة الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن إسرائيل تسعى في حربها ضد “حماس” في غزة إلى “الانتقام” من هجوم 7 أكتوبر 2023، وليس مجرد الدفاع عن النفس. وأكد: “ادعموا إسرائيل، لكن لا تُجردوا الفلسطينيين من إنسانيتهم”.
البرادعي، وهو خبير في القانون الدولي وأستاذ سابق في جامعة نيويورك، أشار، في مقابلته مع المجلة الألمانية، إلى أن أكثر من 50,000 مدني فلسطيني قُتلوا في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفقًا لتقارير حديثة. وقال: “عندما يُقتل الناس كالذباب، ويستمر هذا دون توقّف، ويدرك الجميع أنه انتقام، لا يمكننا أن ندّعي أنه دفاع عن النفس”. وحذّر من أن هذا الموقف “ألحق ضررًا كبيرًا بسمعة ألمانيا” عالميًا، خاصة في العالم العربي والإسلامي.
دور ألمانيا في الصراع
تأتي انتقادات البرادعي في وقت حساس للسياسة الألمانية، حيث تولى المستشار الجديد فريدريش ميرتس، من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) منصبه في 6 مايو 2025.
ميرتس أكّد في أولى خطواته دعم ألمانيا لإسرائيل كجزء من “الدافع الوطني” (Staatsräson)، وهو المبدأ الذي أرسَته المستشارة السابقة أنغيلا ميركل، والذي يربط أمن إسرائيل بالمصالح الوطنية الألمانية.
في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم 9 مايو، جدد ميرتس التزام ألمانيا بأمن إسرائيل، لكنه أبدى أيضًا قلقًا بشأن الوضع الإنساني في غزة، داعيًا إلى مفاوضات لوقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات.
ومع ذلك، لم يخلُ موقف ميرتس من الجدل. ففي فبراير 2025، أعلن نيته دعوة نتنياهو لزيارة ألمانيا، رغم مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر 2024 بتهم جرائم حرب، ما أثار انتقادات حادّة داخل ألمانيا وخارجها.