التأثيرات الجيوسياسية بعد انسحاب أمريكا من مجلس حقوق الإنسان

علي الزوهري

يتوقع العالم القرارات الهجومية منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية، التي بدأت تظهر آثارها بالفعل.

 

وها هو قد بدأ في إلغاء المعاهدات الدولية، ليكون مجلس حقوق الإنسان أول ضحايا إجراءات الرئيس الأمريكي تجاه ملفات الأمم المتحدة.

لا شك أن واشنطن، التي تُعَدّ المساهم الرئيسي في الأمم المتحدة، كان لها عدة أدوار محورية في جنيف الدولية، التي لم تسلم أيضاً من الشرارة الأولى للسياسات الأمريكية الجديدة، وخاصة في أحد أهم الملفات الحقوقية والسياسية، إلى جانب منظمة الصحة العالمية، وهو ما سيحمل تأثيرات جيوسياسية متعددة ومعقدة.

الانسحاب لا يعني أن أمريكا لن تكون دولة مُراقَبة من المنظمات الدولية أو أنها ستهرب من مسؤولياتها تجاه ملفات حقوق الإنسان، بل بالتأكيد ستكون هناك أبعاد استراتيجية ذات تأثير على العلاقات الدولية، خاصة مع حلفاء أمريكا، وهو ما سيطول الكثير من الممارسات الحقوقية، لا سيما أن الولايات المتحدة والدول الأعضاء في المجلس تُعَدّ داعماً رئيسياً في قضايا حقوق الإنسان.

وسينظر إلى هذا الانسحاب بعين الاعتبار على أنه تراجع عن الالتزامات الدولية لأمريكا، مما سيزيد فجوة الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها، وصولاً إلى مرحلة الضعف، وسينتقل الاهتمام والتركيز بشكل أكبر إلى قضايا أخرى بدلاً من حقوق الإنسان، مع التوجه نحو إجراء إصلاحات مماثلة لتلك التي تمت خلال الفترة الرئاسية لإدارة ترامب، خاصة أنه غير راضٍ تماماً عن إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.

لا شك أن القضايا الإقليمية، وقضايا الشرق الأوسط على وجه الخصوص، كان لها تأثير كبير، وعلى رأسها القضية الفلسطينية-الإسرائيلية، حيث يُعَدّ أحد أهم أسباب الانسحاب الأمريكي هو اتهام المجلس بالتحيز ضد إسرائيل، وذلك من خلال التقارير السابقة حول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، خاصة بعد تقليل الضغوط الدبلوماسية الأمريكية لحماية إسرائيل، لكن تدخل المجلس واستمراره في إصدار قرارات تنتقد الاحتلال وممارساته كانا من العوامل الدافعة لهذا القرار.

الانسحاب الأمريكي لن يوقف جهود المنظمات الحقوقية الدولية، ولن يُضعف مجلس حقوق الإنسان بشكل كلي، لكنه سيغيّر إطار آلية العمل المتبعة داخله، وستظهر بشكل بارز تحديات جديدة وانتهاكات دولية متعددة، في ظل صعود قوى جديدة وتقلب السياسات الأمريكية.

لقد كان ملف حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، تحت إدارة بايدن، أولوية تُوظَّف لخدمة ملفات سياسية لصالح أمريكا دون إعادة التوازن، لكن الثقة الحالية والتأثيرات الجيوسياسية ستتغير، كما أن حالة عدم الاستقرار والالتزام الأمريكي لن تكون محل ثقة.

تابعنا عبر: