من مفاجآت الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر القادم، أن هناك مؤشرات قوية على أن بعض قواعدها الراسخة ستشهد تغييراً، حتى لو كان طفيفاً، فيما يخصّ اتجاهات التصويت والكتل الناخبة المؤثرة وتوزيعاتها فى الولايات، وخاصة فيما درج على تسميتها (الولايات المتأرجحة) التى لا تميل بثبات إلى حزب بعينه، وإنما يتغير موقفها وفق أحوال كل انتخابات. فيُرَجِّح كثيرون أنه سيكون هناك تغيير نتيجة لأثر أحوال الشرق الأوسط على اتجاهات التصويت، وهو الذى كان مستقراً طوال عقود لصالح إسرائيل، إلا أن هناك مستجدات فَرَضَت نفسها بشدة، منذ انتشار الأخبار المُصوَّرة عن جرائم إسرائيل فى غزة منذ أكتوبر الماضى، تدعم توقع أن هذا البند سيشهد تغيراً، وهو ما تمثلت بوادره فى التظاهرات العارِمة للطلاب فى أكبر الجامعات، وانضم إليهم عدد من الأساتذة، ضد جرائم إسرائيل البشعة ضد الفلسطينيين المدنيين العزل فى غزة، وقتل الأطفال، فى تعاطف علنى غير مسبوق مع الفلسطينيين، حيث رفعوا العلم الفلسطينى لأول مرة فى تاريخ التظاهرات فى هذه الجامعات. مع الإشارة إلى تهافت التظاهرات المضادة التى تؤيد إسرائيل. ومن المهم لفت النظر على وجه الخصوص إلى أثر هذه التظاهرات بالولايات المتأرجحة. وحظيت التظاهرات بتغطيات واسعة من السوشيال ميديا، وما كان للإعلام التقليدى من صحافة وتليفزيون أن يتخلف عن المتابعة حتى لا تبتعد عنه جماهيره، خشية أن يفقد نسبة معتبرة من إعلاناته، وهى دائرة متصلة مترابطة يؤثر ويتأثر فيه كل من الإقبال الجماهيرى والإعلانات.
ولكن الغريب أنه، وحتى الآن، لم تَبثّ وكالات الأنباء ما يفيد أن هناك دراسة جديدة ذات وزن عن هذا الأثر المستجد على الانتخابات القادمة! وليس هناك سوى الأصوات القليلة المعتادة التى حرصت عبر سنوات على التحذير من الانحياز الأمريكى الدائم لإسرائيل وتبرير جرائمها والاستمرار فى دعمها اقتصادياً وعسكرياً وفى كل المنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن.
أما إذا نظرنا أبعد، ووضعنا فى الحساب مستقبل ما بعد الانتخابات القادمة، وإذا نجحت إسرائيل فى تهجير أعداد من أبناء غزة إلى أمريكا، فإنهم سيكونون قوة إضافية إلى الاتجاه الجديد المتزايد المضاد لإسرائيل بما يُضعِف التأثير الإسرائيلى الانتخابى أكثر.
*نقلا عن “الأهرام”