التشكيك الإثيوبى فى الأسس القانونية لحقوق مصر التاريخية والمكتسبة

السفير د. عبدالله الأشعل

الموقف الإثيوبى يتسم باختراع قانون دولى ولايحترم أحكام القانون الدولى المستقرة . من ناحية أخرى يشكك فى الأسس القانونية لحقوق مصر المائية. فيما يلي عرض للنقاط القانونية التى تؤسس لحقوق مصر التاريخية والمكتسبة وموقف إثيوبيا منها، مع ملاحظة أن حجج إثيوبيا ذرائع للانفلات من أحكام القانون الدولى.
أولا: تستند حقوق مصر المائية التاريخية والمكتسبة إلى القانون الدولى وبشكل خاص المعاهدات وهى قسمان القسم الأول هو مجموعة المعاهدات المبرمة لصالح مصر بين بريطانيا وايطاليا والحبشة، ويلحق بها مجموعة المعاهدات المبرمة بين مصر وبريطانيا لتأمين حاجة مصر من المياه فى دول المنابع وهى أساسا إثيوبيا وأوغندا وكينيا. وعلما بأن إثيوبيا تنكر أن القانون الدولى يعترف بالحقوق التاريخية والمكتسبة كما تنكر القانون الدولى لحقوق الإنسان خاصة ما يتعلق منه بالحق فى الحياة، والحق فى المياه والحق فى التنمية من خلال المياه وهى تعلم علم اليقين أن النيل هو شريان الحياة الوحيد والاعتداء عليه إنكار لكل هذه الحقوق ويعد بمثابة إبادة متعمدة للشعب المصرى واختفاء مصر من الخريطة وهو ما يناقض كافة الشرائع الدولية والإفريقية ويفتح الباب لحصول مصر على حقها فى الحياة بكل الطرق مادامت الطرق السلمية قد استحالت.

القسم الثانى هو اتفاقية الأمم المتحدة عام 1997 الخاصة بالاستخدمات غير الملاحية للمجارى المائية الدولية.
فيما يتعلق بالقسم الأول تزعم إثيوبيا أن حقوق مصر موجودة فى معاهدات استعمارية غير ملزمة للكافة. الرد الأول هو أن إثيوبيا لاعلاقة لها بهذه المعاهدات ولامصلحة لها فى مناهضتها ثم إن الموقف الإثيوبى يتسم بالجهل أو التجاهل لحقيقة قانونية ثابتة وهى أن التوارث الدولى يسرى بالنسبىة لمعاهدات الحدود بحكم اتفاقية فيينا لعام 1978 المادتان 11،12 أى أن هذه المعاهدات المبرمة باسم مصر تسرى فى حقها مادامت الدول المستعمرة (بفتح الميم) قد قبلت هذه المعاهدات ولم تتحفظ عليها يوم استقلالها ثم أن المعاهدات أو المواد الخاصة بالحدود يتم توارثها بشكل آلى نظرا لأهميتها حتى لو اعترضت عليها الدول التى أبرمت بأسمها.
فى هذا الصدد هناك معاهدات تعد المصدر الأساسى لالتزام إثيوبيا تجاه مصر لأن إثيوبيا لم تكن مستعمرة وأبرمت هذه المعاهدات بإرادتها وثانيا لأن إثيوبيا ملتزمة بكل حقوق مصر بموجب البيان المشترك الموقع بينهما عام 1993 إبان زيارة ميليس زيناوى رئيس وزراء إثيوبيا لمصر. أما اتفاقية الأمم المتحدة 1997 فترى إثيوبيا أنها ليست طرفا فيها وليست ملتزمة بها، كما أنها تقول أن مصر ليس من حقها الاستفادة منها لانها ليست طرفا فيها.

وقد ردت محكمة العدل الدولية فى ثلاثة أحكام متتالية على إثيوبيا بأن أكدت أن هذه الاتفاقية تتضمن أحكاما موضوعية ملزمة للكافة حتى لو لم تكن الدولة طرفا فيها فهى ملزمة لإثيوبيا ومفيدة لمصر لأن القانون الدولى يركز على فكرة إرادة الدولة، فلايجوز أن تلزم الدولة رغم إرادتها لكن يجوز أن تقرر معاهدة أو أطراف أخرى مزايا لمصلحتها.
ثانياً: بالنسبة لاتفاقية عنتيبى 1929 بين بريطانيا وأوغندا التى قررت حقوقا تاريخية لمصر فى نهر النيل، فلاحق لإثيوبيا فى الاعتراض عليها، ثم أن إثيوبيا لم تبدى خلال هذه الفترة أى إشارة إلى هذا الرفض، بل إن أوغندا يوم استقلالها قبلت كل المعاهدات فى العصر الاستعمارى.
ثالثا: بالنسبة للاتفاقية المصرية – السودانية 1959. زعمت إثيوبيا أن مصر قامت ببناء السد العالى دون مشورتها وموافقتها وأنها أبرمت الاتفاق مع السودان دون التشاور معها.
والرد أن مصر حرة فى أن تبنى السد العالى لأنها دولة مصب ولايمكن أن يؤثر السد العالى على إثيوبيا، فلا مقارنة بين السد العالى وسد الالفية فى إثيوبيا. ثم أن الاتفاق المصرى السودانى لايخص إثيوبيا وهو قاصر على توزيع المياه التى تتركها إثيوبيا للبلدين.
كاتب مصري