إعداد: محمود أبو زيد
مقدمة:
أصدرت حكومة تصريف الأعمال السورية مؤخرًا تعريفة جمركية جديدة، اثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الشعبية والاقتصادية. البعض يعتبرها خطوة إيجابية نحو حماية الاقتصاد الوطني وتعزيز الإنتاج المحلي، فيما يراها آخرون بانها ستزيد العبء على المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.
التقرير التالي يستعرض تفاصيل هذه التعريفة الجديدة، مع التركيز على إيجابياتها وسلبياتها، وتحليل تأثيرها على الاقتصاد المحلي وحياة المواطنين.
أولًا: الإيجابيات
1. خفض الرسوم على المواد الأساسية:
من أبرز ما يمكن ملاحظته في التعريفة الجديدة هو خفض الرسوم على العديد من السلع الأساسية مثل الزيت النباتي، حيث انخفض من 65 دولارًا إلى 40 دولارًا، كما انخفضت الرسوم على اللحوم بنسبة 75%.
و شهدت السلع الأساسية الأخرى مثل الرز والشاي انخفاضًا ملحوظًا بنسبة 40% و55% على التوالي، مما سيساهم في تخفيف الأعباء على المستهلكين.
2. دعم قطاع البناء:
تم إعفاء العديد من مواد البناء الثقيلة مثل الحديد والآلات المستخدمة في البناء من الرسوم الجمركية، كما تم تخفيض الرسوم على الأسمنت بنسبة 25%. هذه الخطوة من شأنها دعم مشاريع إعادة الإعمار، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويوفر فرص عمل جديدة.
3. تشجيع القطاع الزراعي:
خفضت التعرفة الجديدة الرسوم على الأسمدة بنسبة 87.5% (من 80 دولارًا إلى 10 دولارات للطن)، ما قد يساعد المزارعين في تخفيض تكاليف الإنتاج وبالتالي زيادة الإنتاج الزراعي المحلي.
4. تقليص الرسوم على المواد الأولية:
تم خفض الرسوم على المواد الأولية لصناعة الجرارات الزراعية، بهدف تشجيع المصنعين المحليين على العودة إلى السوق. وهذا من شأنه أن يدعم الإنتاج المحلي ويوفر فرص عمل إضافية.
5. تعزيز الإنتاج الوطني:
بتخفيض الرسوم على المواد الأولية وزيادة الرسوم على المواد الجاهزة، تهدف الحكومة إلى تشجيع الإنتاج المحلي وبالتالي تقليل الاعتماد على الواردات من الخارج. هذا من شأنه أن يساهم في تحسين الاقتصاد الوطني ويوفر فرص عمل جديدة.
ثانيًا: السلبيات
1. ارتفاع تكلفة بعض المواد:
على الرغم من أن الرسوم الجمركية انخفضت على العديد من المواد، إلا أن هناك بعض السلع شهدت زيادة في الرسوم، مثل الجرارات الزراعية، التي ارتفعت رسومها بمقدار 1880 دولارًا. هذا قد يؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج لبعض الصناعات المحلية.
2. زيادة الأسعار على المواطنين:
البعض يرى أن رفع الرسوم على بعض السلع الجاهزة مثل المرتديلا والبسكويت قد يؤدي إلى زيادة أسعار هذه المنتجات في الأسواق، وهو ما سيزيد العبء على المستهلكين.
3. صعوبة التكيف مع المتغيرات الاقتصادية:
في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، يعاني الكثير من المواطنين من نقص في الدخل، مما قد يجعل من الصعب عليهم تحمل التكاليف المرتفعة لبعض السلع. وقد يتسبب ذلك في تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في بعض المناطق.
4. الاعتماد على الواردات من تركيا:
بعض المنتجات التي تدخل السوق السورية هي مستوردة من تركيا، ومع فرض الرسوم الجديدة على هذه المنتجات، قد ترتفع أسعارها بشكل ملحوظ، مما يزيد من الضغط على الأسر ذات الدخل المحدود.
ثالثًا: التعريفة الجمركية الجديدة مقارنة بالدول المجاورة
بمقارنة التعريفة الجمركية السورية بالتعريفات في الدول المجاورة، يمكن ملاحظة أن الرسوم في سوريا تظل منخفضة نسبيًا. فعلى سبيل المثال، الرسوم الجمركية في بعض الدول المجاورة تتراوح بين 5% و10%، في حين أن الرسوم في سوريا على بعض السلع الأساسية لا تتجاوز بضعة دولارات.
رابعًا: دور الحكومة في الدعم الاجتماعي
رغم أن التعريفة الجمركية الجديدة قد تثير بعض القلق بشأن زيادة الأعباء على المواطنين، إلا أن الحكومة قد تسعى إلى تقديم دعم اجتماعي من خلال إجراءات أخرى، مثل تقديم مساعدات مالية، دعم أسعار بعض السلع الأساسية، أو حتى تقديم خدمات اجتماعية لتحسين وضع المواطنين.
خامسًا: الاستنتاجات
التعريفة الجمركية الجديدة التي أصدرتها حكومة تصريف الأعمال السورية تبدو خطوة هامة في سبيل تعزيز الإنتاج المحلي وحماية الاقتصاد الوطني، لكن من الضروري أن يتم تنفيذها بشكل مدروس يضمن عدم التأثير السلبي على الفئات الضعيفة في المجتمع. يجب أن تواكب هذه الإجراءات الحكومية خطوات دعم اجتماعي وتقديم التسهيلات للمواطنين لتخفيف العبء الناتج عن هذه الرسوم.
القرار لا يخلو من إيجابيات وسلبيات، ولكن في النهاية يبقى جزءًا من إصلاحات اقتصادية كبيرة تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، ويجب أن يتم تقييمه بشكل مستمر لضمان تحقيق الأهداف المرجوة دون التأثير السلبي على المواطنين
التاريخ: 13/01/2025