التغيُر الهيكلي الذي طرأ على جُغرافية قطاع غزة.

بقلم : تمارا حداد

إن تداعيات الحرب على قطاع غزة لم تكن فقط قتل المدنيين الفلسطينيين من خلال اتباع سياسة القصف الجوي والدخول البري لمناطق القطاع واتباع سياسية التجويع المُمنهجة بل ترجمت آثار الحرب على اعادة التغيير الهيكلي والتضاريسي لقطاع غزة واعادة رسمه من جديد بالتحديد في المناطق الشمالية لقطاع غزة اضافة الى مناطق شمال المحافظة الوسطى تحديداً شمال النصيرات والمغراقة وحي الزيتونة، حيث اشارت الاكاديمية والباحثة السياسية د. تمارا حداد الى الاثار الناجمة عن الحرب وفقاً لمصادر مطلعة ان شكل قطاع غزة تغير كلياً فلم يعد قطاع غزة الذي كان يألفه اهل القطاع بل بات قطاعاً منكوباً بكل المعايير واصبح أرضاً محروقة وكان زلزال بمقدار عشرة ريختر دمر الابنية والمنازل والمستشفيات زلزالاً عكس حقداً انتقامياً لأهل قطاع غزة لم يعهده اهل القطاع خلال الحروب السابقة هي حرب جاءت لعكس توجه تطرفي عنصري “إما هم وإما اهل القطاع” امام انعكاس رؤية اليمين المتطرف التي تريد ترجمتها نحو قتل المدنيين وازاحة العدد الاكبر من منطقة الى منطقة بهدف التغيير الجغرافي والديمغرافي لقطاع غزة وتحقيق اهداف الحرب الضمنية التي لم يتم الاعلان عنها وهي رسم قطاع غزة من جديد وبلورته وفق المخططات الامنية والعسكرية والميدانية لجيش الاحتلال الاسرائيلي واشارت البحثة “حداد” ان من بين تلك التغيرات وهو بناء طريق ممر “نتساريم” والذي يفصل الشمال عن الجنوب حتى يتم اعادة هيكلية المنطقة الشمالية من جديد من خلال تقسيم الشمال لاربع مربعات منطقة زراعية ومنطقة صناعية وسياحية وطريق لمشاة جيش الاحتلال قبالة المنطقة الساحلية للقطاع وهذه المربعات مناطق تصنف “سي” او “ج” اما المنطقة الجنوبية وستصنف “ب” والتي يتواجد فيه عدد كبير من المواطنين الفلسطينين قرابة مليونين مواطن يعيشون في منطقة لا تتعدى 200 كيلو متر امام اقتطاع جزء كبير من الاراضي لصالح الاحتلال تحت حجة تشكيل مناطق امنية عازلة تسمح له حرية العمليات الميدانية العسكرية وتسمح له الدخول والخروج وقتما يشاء الى قطاع غزة عند تجميع المعلوملت الامنية الاستخباراتية مثل الضفة الغربية بالتالي يريد جيش الاحتلال تحويل القطاع مثل الضفة الغربية منطقة محتلة عسكرياً امنياً بشكل مباشر وغير مباشر حسب مقتضيات الامن لدى الاحتلال.
وصرحت “حداد” حسب المصادر المطلعة ان ابرز التغيرات القائمة في القطاع وهي بناء الميناء البحري حيث ان الولايات المتحدة الامريكية مستمرة في بناء الميناء العائم المؤقت على شاطئ غزة بمساحة تُقدر اكثر من 281 دونماً وسيعمل خلال الشهر القادم من العام الجاري حيث ان سفينة عسكرية امريكية رست قبالة الساحل قامت للمشاركة في رصف الميناء البحري حيث ان المعلن لادخال المساعدات الانسانية لكن الهدف استقطاع اراضي من غزة لبناء قاعدة عسكرية بحرية اسرائيلية امريكية لتحقيق اهداف غير معلنة ضمنياً هدفها اعادة التموضع الامني الاسرائيلي في شمال القطاع .
وتناولت الباحثة السياسية “حداد” وفق مصادر فلسطينية بان الرصيف يتم بناؤه من ركام المنازل التي تم قصفها اضافة الى قيام الجيش بابعاد المواطنيين الفلسطينيين من خلال القصف الجوي من الاماكن المحيطة لممر نتساريم هذا يعني اعادة رسم منطقة القطاع من جديد اضافة الى بناء اميركا قاعدة عسكرية ضخمة في جنوب اسرائيل في خطوة نقل احدى قواعدها في الخليج الى جنوب اسرائيل ستكون بمحاذاة قاعدة حتسريم الجوية في صحراء النقب لاستيعاب مقاتلين وجنود امريكان تتسع 23 الف جندي اضافة الى القاعدة العسكرية البحرية قبالة قطاع غزة والتي ستكون ذات بُعد نقل لوجستيات عسكرية تسليحية لجيش الاحتلال ورات الباحثة ان الميناء شكل من اشكال السيطرة للاحتلال بشكل مستديم من خلال بناء وضعية ميدانية على شاطئ غزة المقابل لمنطقة الوسط والتي يمر عبرها الطريق الواصل بين الشارعين الساحلي “الرشيد” والشرقي “صلاح الدين”، وتعرف بمنطقة “نيتساريم” حيث المستوطنة الشهيرة انذاك، اعد الاحتلال خطة متكاملة من خلال توسيع الطريق بين الغرب والشرق بعرض 60 مترا وبناء اساسيات خرسانية على جانبي الطريق المرصوف حالياً بالحصى تمهيداً لرفع جدارين من الناحيتين الجنوبية والشمالية واقفال كل الثغرات التي يمكن للافراد استغلالها بعيداً عن نقاط التفتيش تلك المنطقة فيها غرف ميدانية وخيم عسكرية واجهزة تصنت ورقابة وسيتم وضع بوابات عبر تجهيزات رقمية واخذ بصمات الوجه ويستكمل الاحتلال تجريف المناطق التي دمرت في مناطق الشمال كافة لذا من الصعب بعد كل التغيرات ان ينسحب جيش الاحتلال وارجاع المواطنيين الفلسطينيين الى المنطقة الشمالية بعد التغير الهيكلي للمنطقة ناهيك عن بناء مستودعات الميناء الامريكي قبالة البيدر على ساحل جنوب مدينة غزة والتي ستكون مخزناً للعتاد والسلاح.
من هنا ان تداعيات الحرب لم تكون سهلة ومن الصعب اعادة القطاع كما كان بعد التموضع الامني الاسرائيلي والامريكي في القطاع والذي يهدف مستقبلاً السيطرة الكلية على غاز غزة وبناء مشاريع صناعية ناهيك عن مشروع قناة البحرين” بن غوريون” ما زالت ضمن العقيدة الامنية الاسرائيلية لم تتغير تُنفذ المشاريع المرسومة من سنوات طوال.

شاهد أيضاً